دَعاءُ هَذا الكَرَوانِ الَّذِي – خليل مطران
دَعاءُ هَذا الكَرَوانِ الَّذِي … خلَّدْتَهُ فِي مَسْمَعِ الدَّهْرِ
لَهُ صَدىً فِي القَلْبِ وَالفِكْرِ مِن … أَشْهَى مَتاعِ القَلبِ والفِكْرِ
لَكِنَّهُ مُشْجٍ بِترْجِيعِهِ … لِمَا جَرَى فِي ذِلكَ القَفْرِ
إِذْ تَسْكُنُ البَيْدَاءُ وَهْناً فمَا … يَنبِضُ إِلاِّ مُهَجُ السَّفْرِ
واللَّيْلُ فِي التِّيهِ السَّحِيقِ المَدى … يُطبِقُ جَفنَيْهِ عَلى وِزْرِ
وَالطَّائِرُ المرتاع فِي جَوِّهِ … يُنْذِر بِالمَأْسَاةِ فِي ذُعرِ
يُرِنُّ إِرْنانَ سِهَامٍ رَمَتْ … حَيْثُ رَمَتْ بِالشُّعَلِ الحمْرِ
أَسالَ دَمْعِي خَطبُ مَطلُولَةٍ … مَقْتولَةٍ فِي زَهْرَةِ العُمْرِ
جَنى عَليْهَا وَاهِمٌ أَنَّهُ … يَثْأَرُ لِلِعرْضِ وَلِلطُّهرِ
وخامَرتنِي حَسْرةٌ خامَرَتْ … شهودَ ذاك المَصْرعِ النُّكرِ
أَليْسَ لِلأَرواحِ فِي بَثِّها … أَوَاصِرٌ مِنْ حَيْثُ لاَ تدْرِي
جوْهرُها فَرْدٌ وإِحْسَاسُهَا … مشْترَكٌ فِي النَّفْعِ وَالضُّرِّ
حادِثة فِي رِيفِ مِصْرٍ جَرَتْ … وَمِثْلها فِي الرِّيفِ كم يَجْرِي
قُصتْ عَليْنا قَصَصاً شائِقاً … فِي كَلِمٍ أَنقَى مِنَ القطْرِ
مَسْرودَةً سَرْداً عَلى صفوِهِ … أَفعلَ فِي النفْسِ مِنَ الْخَمْرِ
يَا لُغَةَ العُرْب الَّتِي كاشَفَتْ … طهَ بِمَا صَانَت مِن السرِّ
مِنْ أَيِّ رَوضٍ يجنى مِثلُ مَا … جناه مِن أَزْهَارِكِ النُّضْرِ
مِن أَي بَحْرٍ وَالمُنى دُرُّهُ … يُصَادُ مَا صَاد مِن الدُّرِّ
مِن أَي تِبْرٍ فِي غوَالِي الحِلى … يصَاغُ مَا صَاغَ مِن التِّبْرِ
آيَات طهَ نُزلتْ بِالهُدَى … فِيمَ اسْتعَارَتْ فِتنةَ السِّحْرِ
أَحْدَثُ مَا جَاءَتْ بِهِ طُرفَة … بَدِيعَةٌ فِي أَدَبِ العَصْرِ
جَلتْ خَيَالَ الشعْرِ فِي صُورَةٍ … أَغارَتِ الشِّعْرَ مِن النَّثْرِ