خَطْبَانِ قَدْ تَتَابَعَا وَأحْرَبَا – خليل مطران

خَطْبَانِ قَدْ تَتَابَعَا وَأحْرَبَا … لِمَا أَصَابَ الثَّاكِلَ المُنْتَحِبَا

أَنْضَبَ مَاءُ عَيْنِهِ مِمَّا بِكَى … نَجْلَيْهِ حَتَّى قَلْبُهُ تَصَبَّبَا

يُوسُفُ أَنَّ الرُّزْءَ جِدُّ فَادِحٌ … فَارْجَعْ إِلَى العَقْلِ إِذا الطَّبْعُ أَبَى

أَلَمْ تَكُنْ فِي كُلِّ مَا مَارَسْتَهُ … مَنْ عَرَكَ الدَّهْرَ وَرَاضَ المَصْعَبَا

حِكْمٌ مِنَ اللهِ جَرَى فَاصْبِرْ لَهُ … وَعَلَّ صَبْراً يَدْرَأُ المَغْيَبَا

شَفْعٌ بِطِفْلَيْكَ اللَّذَيْنِ بَقَيَا … لَكَ المَلاَكَيْنِ اللَّذَيْنِ ذَهَبَا

وَاشْدُدْ قِوَى رُوحَكَ وَاحْمِلْ جَاهِداً … عِبْئَيْهِمَا أَلَسْتَ لِلْكُلِّ أَبَ

إِذَا ضَحَا ظِلُّكَ مَا حَالُهُمَا … مُعَاقَبَينِ وَهُمَا مَا أَذْنَبَا

يَا مَنْ بِعَطْفِهِ وَبَسْطِ كَفِّهِ … كَفَى الضِّعافَ المُعْدَمِينَ النُّوَبا

وَوَسَّعَ العَيْشَ لَمَنْ ضَاقَ بِهِمْ … فَجَعَلَ العَيْشَ لَهُمْ مُحَبَّبَا

كَيْفَ يَكُونُ بُؤْسُهُمْ إِنْ حُرِمُوا … ذَاكَ النَّصِيرَ الأَرْيحيَّ الحَدَبَا

وَالأَصْفِياءُ الكُثْرُ مَا وَحْشَتُهُمْ … إِنْ فَقَدوا أُنْسَ الصَّفِيِّ المُجْتَبَى

وَأُمَّةٌ أَنْتَ فَتَاهَا المُرْتَجَى … فِي كُلِّ مَا تَبْغِي وََيَنْأَى مَطْلَبَا

لاَ تَقْطَعَنَّ سَبَباً عَزَّتْ بِهِ … وَلَمْ يَكُنْ إِلاّكَ ذَاكَ السَّبَبَا

دُرويسُ كَانَتْ فِي حَلاَهَا زَهْرَةً … والْيَومَ أْسَتْ فِي عَلاَها كَوكَبَا

أَبْهَى البَنَاتِ صُورَةً أَنْقَى … اللَّدَاتِ سِيرَةً أَعَفَّهُنَّ مَشْرَبا

مَرَّتْ بِدُنْيَاهَا فَلَمْ تَأْتَلِفَا … وَلَيسَ لِلْضِّدَيْنِ أَنْ يَصْطَحِبَا

فَمَا دَرَتْ مِنْهَا وَلاَ عَنْهَا سِوَى … ما كَانَ مَلْهَى طَاهِراً ومَلْعَبا

يَا أُمَّهَا وَأَنْتََِ أَهْدَى قِدْوَةً … للأُمَّهَاتِ خُلُقاً وَأَدَبَا

إِيمَانُكِ الحَيِّ وَهّذَا وَقْتُهُ … يُهِّنُ الْبَلْوَى وَيَأْتِي العَجَبَا

عِيشِي وَرَبِّي وَلَدَيْكِ فَهُمَا … يُعَزِّيَانِ الفَاقِدَ المُحْتَسَبا

وَارْعَيْ أَبَاهُمَا فَمَا أَحْوَجَهُ … إلى الَّتي رَعَتْهُ مِنْ عَهْدِ الصِّبَا

فِي جَنَّةِ اللهِ وَفِي نَعِيمِهِ … مُغْتَرِبَانِ عِنْدَهُ مَا اغْتَرَبا

تَغَيَّبَا عَنِ العُيوُنِ غَدْوَةً … لَكِنْ عَنِ الْقُلُوبِ مَا تَغَيَّبَا