خيالك – بدر شاكر السياب
لظلك لو يعلم الجدول … على العذب من مائه منزل
يمر به القلب مر الغريب … و يهفو له الحب و المأمل
بأفيائه تحلم الذكريات … و يشدو الخيال و يسترسل
وقفت حزينا لدى الضفتين … و حولي زهور المنى تذبل
وقد رف ظلك فوق المياه … وجالت بأعطافه الشمأل
ففي الموج مما رأى هزة … يحار لها الشاطيء الممحل
و سرحت عيني في مقلتين … يسدد سهميها الجدول
غرام فهل تنكرين الغرام … وحب و هل منه لي موئل
تمنيت لو كنت ريحا تمر … على ظل و لهى فلا تعذل
و يستأسر الموج إغراؤها … و ترديدها النائح المرسل
فتمضي و يمضي به للسماء … غماما بأرجائها يرفل
فأخلو بظلك بين النجوم … وقد جال فيها الدجى المسبل
ففي كل تقبيلة نجمه … تغور أو كوكب يذهل
خيالك من أهلي الأقربين … أبر و إن كان لا يعقل
أبي منه قد جردتني النساء … و أمي طواها الردى طواها الردى المعجل
و ما لي من الدهر إلا رضاك … فرحماك فالدهر لا يعدل