خاطرْ بها إما ردى أو مرادْ – مهيار الديلمي
خاطرْ بها إما ردى أو مرادْ … و ردْلها أين وجدتَ المرادْ
و لا تماطلها بجماتها … معللا أظماءها بالثمادْ
باعدْ عزيزا بين أسفارها … فعزة ُ النجم السري والبعادْ
للهِ رامٍ بلباناتهِ … طولَ الليالي وعروضَ البلادْ
يقدمُ إما مبلغا نفسه … معذرة ً أو بالغا ما أرادْ
يحفزهُ الضيمُ فتنبو به … مضاجعُ الغيدِ ولينُ المهادْ
إذا أحسَّ الهونَ صاحتْ به … نخوتهُ أو طارَ أو قيلَ كادْ
يعجمُ منه الدهرُ إن رابهُ … جلدَ العصا صلبَ حصاة ِ الفؤادْ
سمتْ به الهمة ُ حتى نجا … منفردا من بين هذا السوادْ
موليا آخرَ حاجاتهِ … خزائمَ العيس ولجمَ الجيادْ
أقسمَ مهما اكتحلتْ عينهُ … بمثلهِ لا اكتحلتْ بالرقادْ
و بات مغمورَ العلا شاكرا … ميسوره يقنعُ بالإقتصادْ
يرضى من الحظّ بما جاءه … عفوا وما الحظّ سوى الاجتهادْ
ينام للضيم على ظهره … مراوحَ الخدّ وثيرَ الوسادِ
إن راعه من يومه رائعٌ … قال عدواً فرسُ الذلّ عادْ
ما أكثرَ المنحى على مجده … لبلغة ٍ ترجى ورزقٍ يفادْ
و مؤثرَ المالِ على عرضهِ … مجتهدا ينقص من حيث زادْ
عدَّ عن الدنيا وأبنائها … وبعْ موداتهم بالبعادْ
ما هذه الدهماءُ إلا دبى ً … ينشرهُ في الأرض حبُّ الفسادْ
إلاَّ فتى ً يأنف من عيشة ٍ … لغيره فيها عليه اعتدادْ
و دولة ٍ تخطبُ راياتها … باسم سواه في رؤس الصعادْ
مثل أي القاسم غيران يس … تفيد من عزته ما استفادْ
يجود بالنفس كما جاد أو … يسود بالواجب من حيث سادْ
هيهات قامت معجزاتُ العلا … فيه وبانت آية الإنفرادْ
لا تلدُ الأرضُ له من أخٍ … أعقمها من بعد طولِ الولادْ
شاد به اللهُ بنيَ مجدهِ … راسية ً واللهُ ما شاء شادْ
بانَ من الناس فما عابه … شيءٌ سوى تشبيهه بالعبادْ
أبلجُ في كلّ دجى فحمة ٍ … عمياءَ لا يقدحُ فيها الزنادْ
يصيبُ بالأول من ظنه … فليس يستثنى ولا يستعادْ
تهفو قوى الحلم وغضباته … تأوى إلى مستحصفاتٍ شدادْ
أرهفَ من آرائه ذبلا … ترودُ للطعن أمامَ الطرادْ
و قاد للأعداء رقاصة ً … تعزفُ لولا يده أن تقادْ
معرقاتٍ كان أماتها … ربائطا ما بين أبياتِ عادْ
يشكمها إن خلعتْ لجمها … ما جرَّ من فضلِ نواصي الأعادْ
خضبها الطعنُ بماء الطلى … فشهبها في شعراتِ الورادْ
يحالفُ الصبرَ عليها فتى ً … ما بدأَ الكرة إلا أعادْ
يبذلُ في حفظ العلا مهجة ً … تكبرُ أن تفديها نفسُ فادْ
يرى طلابَ العزّ أو بردهُ … في حرّ ما يشربُ يومَ الجلادْ
شجاعة ٌ سببها جودهُ … إن الفتى يشجع من حيث جادْ
يا راكبَ الدهماء لم يحفها … سيرٌ ولا حنتْ لتغريدِ حادْ
حددها الطالي فما علبها … على بياضِ الجسم لبسُ الحدادْ
لا تلتوي من ظما والثرى … مكدٍ وأكبادُ المطايا صوادْ
يحفزها من مثله سائقٌ … يضلُّ خريتُ الفلا وهو هادْ
راكبها وهو على ظهرها … موطأَ الجنبِ قليلُ السهادْ
يكرعُ في صافٍ قليلِ القذى … عدبٍ ويرعى أبدا بطنَ وادْ
بلغ بلغتَ الخيرَ خيرَ امرئ … شدتْ عليه حبوات البوادْ
قل للوزير اعترقتْ بعدكم … عظمى نيوبُ الأزماتِ الحدادْ
و ارتجع البخلُ وأبناؤه … ما أسأرتْ عنديَ كفُّ الجوادْ
غاض الندى بعدك يا بحرهُ … و بانَ مذ بنتَ بفضلِ السدادْ
و اغبرْ جوٌّ كنتَ خضرتهُ … فشمطتْ فيه الربا والوهادْ
دينٌ من العدل عفا رسمه … شرعتهُ للناس بعدَ ارتدادْ
و سنة ٌ في المجد قد قوضتْ … أقمتَ من أطنابها والعمادْ
و مهملٌ من كلمٍ نادرٍ … نفقتهُ مدحك بعدَ الكسادْ
عاد يوفى أجرهُ كاملا … عندك حيا قبلَ يومِ المعادْ
عرفتهُ والناسُ من حاسدٍ … أو جاهلٍ بالقولِ والإنتقادْ
أوحشتَ بالبعد فلا أوحشتْ … منك مغاني الكرم المستفادْ
و شلَّ سرحُ الأمر من قبضة ال … راعي فأمسى هجمة ً لا تذادْ
معطلَ المجلسِ والمنبرِ ال … مركوبِ عاري السرجِ رخوَ البدادْ
تعلقَ الممسكُ أطرافه … منه برسغيْ قاطع لا يصادْ
كأنما صاحَ غرابُ النوى … بدادِ فيه بعدَ جمعٍ بدادْ
قد أسفَ الرأسُ على تاجه … و أنكرَ العاتقُ فقدَ النجادْ
و وجهُ بغدادَ على حسنه … أسفعُ مكسوفٌ عليه اربدادْ
كانت حريما بك ممنوعة َ ال … ظهر فعادت وهي دارُ الجهادْ
في كلّ بيتٍ من أذى عولة ٌ … تبدا ومن خوفٍ أنينٌ يعادْ
و كيف لا ينكرُ عهدُ الحمى … يفوتهُ العامُ بصوبِ العهادْ .
يا مبدئ الإحسان فينا أعدْ … فالبدر إن مرّ مع الشهر عادْ
قم فأثرها عزمة ً لم تنمْ … ضعفا ولم تنقصْ لغير ازديادْ
عاجلْ بها جدعَ انوفٍ طغتْ … و أرؤسٍ قد أينعتْ للحصادْ
يحسبها الأعداء قد أخمدتْ … و إنما جمرك تحتَ الرمادْ
لا تأخذِ الدهرَ بزلاتهِ … وسعهُ بالعفو وبالإعتمادْ
و لا تكشفْ عن صدورٍ خبتْ … أضغانها من قاتلٍ أو مضادْ
فكلما تبصره صالحا … فإنما يصلحُ بعد الفسادْ
أنا الذي ردّ زماني يدي … من بعد شدى بكم واعتضادْ
و طمعتْ فيّ ذئابُ العدا … حتى حلا مضغٌ لها وازدادْ
وفتَّ في حالي وفي عيشتي … بطلبي ظلكمُ وافتقادْ
لا نسيَ اللهُ لكم والعلا … ما زدتمُ في عدتي أو عتادْ
و نعمة أتقلتمُ كاهلي … بحملها وهي يدٌ من أيادْ
كم ناخسٍ ظهري على شكركم … و حاسدٍ في مدحكم أو معادْ
و منكرٍ حفظي لكم يرتمي … مقاتلي من خطإٍ واعتمادْ
و ليس للخابطِ إلا العشا … منى وللخارطِ إلا القتادْ
و ناشطاتٍ أبدا نحوكم … من عقلِ الفكرِ ليانِ المقادْ
سوافر عن غررٍ وضح … ينصعُ منهنّ سوادُ المدادْ
يخلطنَ فرضَ الحقّ في مدحكم … بخالص الحبَّ وصفوِ الودادْ
حافظة فيكم عهودَ الندى … حفظَ الربا عهدَ السواري الغوادْ
و قلما يرعى أياديكمُ … في القرب منْ لم يرعها في البعادْ