حِوار – ليث الصندوق

أحاور هذي الحصاة

وأحملها معَ همّي

ولو أنا خُيّرتُ بين العزيزين

كنتُ تخليتُ عنه

وما كنت يوماً تخليت عنها

تقول الحصاة : كلانا تحدّر من قمة

فهو ليس يعود إليها

وما زال في سعيه يتدحرج نحو القرار

تشبّثْ

وإن كنتَ تعلم أن مصير كلينا إلى هاوية

أحاور تلك النجوم

وأطلب منها الدنوّ لأسمعَ نبضَ الضياء ،

فتتركُ موقعَها في السماء ، وتسكنُ بيتي

تأكلُ خبزي

وتجمعُ تحت لحافيَ أطفالها : شهباً ورجوماً

وفي ليلة القرّ

نفتلُ حَبلَ تعلقنا بالفراغ

قالت : كلانا تخيّرَ ظلمته

وبأعماقه كومة ٌمن درارٍ

ولم نأسَ يوماً على العُمر

كالشمع قد ذاب في الظلمات

وقالت : رصدنا دموعَك من شاهق

وفيك الذي هو فينا : أسىً ، وشموخ

وحين تموتُ

سينسُلّ من كفن مترب ٍخيط ُضوءٍ

ليرفو ستائرنا

أحاور أنّى التفتُ التراب

وأسمع أنفاس موتاي فيه

شعوبٌ تنامُ بطيّته

فلو هبّتِ الريحُ يوماً عليهم

ستقادهم للنزال جموعاً من الثائرين

أحاور بين يديّ الغيوم

وراعي الرياح يسوق شياه المطر

وأصغي إلى أنهر لم تزلْ في أسار

وأرحلُ

من دون أن تتخلى عن الدفء أغطيتي

لأشهد من شاهق

مدناً تستنيم على فجرها

وأخرى تعلق أكبادَ أطفالها في سفود

أحاور هذا الجدار الذي يستحيل تسلقه

ولكنّ أضواءَ روحيَ تنفذ منه

كأنّ حجارتَهُ من زجاج

يقصّ حكاية َمن حاولوا هدمه

ولكنهم سقطوا في أساساتِهِ كالذباب

حكايةَ َمن شيدوا مجدَهُ

وكالملح ذابوا بكأس القدر

حكايةَ َظِلّ

تعلقه الشمسُ فوق المشاجب صبحاً

وترفعه في المساء

ومن رشقات البنادق بالدم تطلى حجارته

أحاور خدني الجماد

لصيقي الذي أينما أتوجّه

أسمع تسبيحه

كلانا يصلي لأرض تدور كمروحة نحو موتتها

أحاور

حتى ليفحمني في حواري الحجر

ولكنني لم أزل طامحاً في حوار البشر