حيِّ المنازِلَ بَينَ السّفْحِ والرُّحَبِ – الأخطل

حيِّ المنازِلَ بَينَ السّفْحِ والرُّحَبِ … لمْ يَبْقَ غَيرُ وُشومِ النّارِ والحطبِ

وعقرٍ خالداتٍ حولَ قُبتها … وطامسٍ حبشي اللونِ ذي طببِ

وغيرُ نؤيٍ قديمِِ الأثرِ، ذي ثلمٍ … ومستكينٍ أميمٍ الرَّأسِ مستلب

تعتادُها كلُّ مثلاة ٍ وما فقدت … عَرْفاءُ مِنْ مُورِها مجنونَة ُ الأدبِ

ومظلمِ تعملُ الشكوى حواملُهْ … مستفرغٍ من سجالِ العينِ منشطبِ

دانٍ، أبَسّتْ بِهِ ريحٌ يمانِيَة ٌ … حتى تَبَجّس مِنْ حَيرانَ مُنْثعِبِ

تجفلَ الخيلَ من ذي شارة ٍ تئقٍ … مُشَهَّرِ الوَجْهِ والأقرابِ، ذي حَبَبِ

يعلها بالبلى إلحاحُ كرّهما … بعد الأنيس، وبعد الدَّهْرِ ذي الحِقَبِ

فهي كسحق اليماني بعدَ جدّته … ودارِسِ الوَحْي من مرْفوضَة ِ وقَ

وقد عهدتُ بها بيضاً منعمة ً … لا يرتدين على عيْب ولا وَصبِ

يمشينَ مشيّ الهجان الأدمِ يوعثها … أعْرافُ دَكداكَة ٍ مُنْهالة ِ الكُثُبِ

من كلَ بيضاء مكسال برهرهة ٍ … زانَتْ مَعاطِلَها بالدُّرِّ والذَّهَبِ

حَوْراءَ، عجزاءَ، لمْ تُقْذَفْ بفاحشَة ٍ … هيفاءَ، رُعبوبة ٍ ممكورة ِ القصبِ

يشفي الضيجعَ لدَيها، بعدَ زورتها، … منها ارتشافُ رضابِ الغربِ ذي الحببِ

ترمي مقاتلَ فراغٍ، فتقصدهمْ … وما تُصابُ، وقد يرمونَ من كثب

فالقَلْبُ عانٍ، وإنْ لامَتْ عواذلُهُ … في حبلهنّ أسيرٌ مسنحُ الجنبِ

هلْ يُسلينَّك عمّا لا يفينَ بهِ … شَحْطٌ بهِنَّ لبَينِ النيّة ِ الغَرَبِ

وقد حلفتُ يميناً غير كاذبة ٍ … باللَّهِ، رَبّ سُتورِ البيتِ، ذي الحُجُبِ

وكُلِّ مُوفٍ بنَذْرٍ كانَ يَحْملُهُ … مضرجٍ بدماءِ البدنِ مختصبِ

إنَّ الوليدَ أمينُ اللَّهُ أنْقَذني … وكانَ حصناً إلى منجاتهِ هربي

فآمَنَ النّفسَ ما تَخْشى ، وموَّلها … قذمَ المواهبِ من أنوائهِ الرغُب

وثَبّتَ الوَطءَ مِنّي، عندَ مُضْلِعَة ٍ … حتى تخطيتُها، مسترخياً لبتي

خَليفَة ُ اللَّهِ، يُسْتَسقى بسُنّتِهِ … ألغيثُ، من عند مولي العلمِ منتخبِ

إليكَ تقتاسُ همي العيسَ مسنفة ً … حتى تَعَيّنَتِ الأخْفافُ بالنُّقَبِ

من كلّ صهباءَ معجالٍ مجمهرة … بعيدة ِ الطَّفْرِ مِنْ معطوفة ِ الحَقَبِ

كبْداءَ، دفْقاءَ، مِحْيالٍ، مجَمَّرَة ٍ … مثل الفنيق علاة ٍ رسلة ِ الخبب

كأنما يعتريها، كلما وخدتْ … هِرٌّ جَنيبٌ، بهِ مَسٌّ منَ الكَلَبِ

وكُلُّ أعْيَسَ نَعّابٍ، إذا قَلِقَتْ … مِنْهُ النُّسوعُ، لأعْلى السّيرِ مُغتصِبِ

كأنَّ أقْتادَهُ، مِنْ بَعْدِ ما كَلَمَتْ … على أصكٍّ، خفيفِ العَقْلِ، مُنتخَبِ

صعرُ الخدودِ وقد باشرنَ هاجرة ً … لكوكبِ من نجومِ القيظِ ملهتب

حامي الوَديقَة ِ، تُغْضي الرّيحُ خَشيَتَهُ … يكادُ يُذْكي شِرارَ النّارِ في العُطُبِ

حتى يَظَلَّ لَهُ مِنْهُنَّ واعِيَة ٌ … مستوهلٌ عاملُ التقزيعِ والصخبِ

إذا تكَبّدْنَ مِمْحالاً مُسَرْبَلَة ً … من مسجهرّ، كذوب اللون، مضطرب

يأرِزْنَ مِنْ حِسِّ مِضرارٍ لهُ دأبٌ … مشمرٍ عنْ عمودِ الساقِ، مرتقبِ

يخْشَيْنَهُ، كلّما ارْتجّتْ هماهِمُهُ … حتى تجشمَ ربواً محمشَ التعبِ

إذا حبسنَ لتغميرٍ على عجلٍ … في جمّ أخضرَ طامٍ نازحِ القربِ

يَعْتَفْنَهُ عِندَ تِينانٍ بدِمْنَتهِ … بادي العُواء، ضَئيلِ الشخص، مُكتسِبِ

طاوٍ، كأنَّ دُخانَ الرِّمْثِ، خالطَهُ … بادي السَّغابِ، طويلِ الفَقْرِ، مُكتئبِ

يمنحنهُ شزْرَ، إنكارٍ بمعرفة ٍ … لواغبَ الطرفِ قد حلقنَ كالقلبِ

وهُنَّ عِندَ اغْترارِ القَوْمِ ثورَتَها … يَرْهَقْنَ مُجتَمَعَ الأذقانِ للرُّكبِ

منهنَّ ثمتَ يزفي قذفُ أرجُلها … إهذابَ أيدٍ بها يفرينَ كالعذبِ

كلمعِ أيدي مثاكيلٍ مسلبة ٍ … يَنْعَينَ فتيانَ ضَرْسِ الدَّهرِ والخُطُبِ

لم يبقِ سيري إليهمْ منْ ذخائرها … غيرَ الصميمِ من الألواحِ والعصبِ

حتى تناهى إلى القومِ الذين لهمْ … عزّ المملوكِ، وأعلى سورة ِ الحسبِ

بِيضٌ، مصاليتُ، لمْ يُعدَلْ بهِمْ أحدٌ … بكلّ مُعْظَمَة ٍ، مِنْ سادة ِ العَرَبِ

الأكثرينَ حصًى ، والأطيَبينَ ثرًى … والأحمدين قرى ً في شدة ِ اللزبِ

ما إنْ كأحلامِهِمْ حِلْمٌ، إذا قَدَروا … ولا كبسطتهم بسطٌ، لدى الغضبِ

وهُمْ ذُرى عبدِ شَمْسٍ في أرومتها … وهُمْ صميمُهُمُ، ليسوا مِن الشَّذَبِ

وكانَ ذلكَ مَقْسوماً لأوَّلهِمْ … وراثَة ً ورِثوها عَنْ أبٍ فأبِ