حيا ربوعك من ربى ومنازل – أسامة بن منقذ

حيا ربوعك من ربى ومنازل … سَارِي الغَمامِ بكلِّ هامٍ هَامِل

وسقتك يا دار الهوى بعد النوى … وطَفاء تَسفَحُ باهتُون الهاطل

حتَّى تُروِّضَ كلَّ ماحٍ مَاحِلٍ … عاف وتروي كل ذاو ذابل

أبكِيك، أم أبِكى زماني فِيك، أم … أهلِيكِ، أم شَرخَ الشبابِ الرَّاحِل

ما قدرُ دَمعي أن يقسِّمَه الأسَى … والوجدُ بين أحبّة ٍ ومنازِل

أنفقته سرفاً وها أنا ماثل … في ماحلٍ، أبكي بجفَنٍ مَاحِل

وإذا فَزعتُ إلى العَزاءِ دعوتُ مَن … لا يستجيب ورمت نصرة خاذل

أين الظِّباءُ عهدتُهُنَّ كوَانِساً … بك في ظلال السمهري الذابل

النافرات من الأنيس تكرماً … والآنسات بكل ليث باسل

من كل مكروه اللقاء منازل … رحب الفناء لطارق أو نازل

متمنِّعٍ صعبٍ على أعدائه … سهل المقادة للخليل الواصل

عزوا على الدنيا وخالف فعلهم … أفعالَها، فبَغَتْهمُ بغَوائِلِ

حتَّى إذا اغتالَتْهُم بخطوبِها … ورمتهمُ بحوادِثٍ وزَلازِلِ

دَرَست منازِلُهم وأوْحَش مِنهُم … مأنوس أندية وعز محافل

واهاً لهم من عالم ومعالم … وَمُمنَّعاتِ عَقائِلٍ ومَعاقِل

كانوا شجى ً في صدر كل معاند … وقذى ً يجول بعين كل محاول

غوثاً لملهوف وملجا لاجيء … وجوارَ رَبّ جَرائرٍ وطَوائِل

ذهبُوا ذهابَ الأمسِ ما من مُخبرٍ … عنهم وزالوا كالظلال الزائل

وبقيتُ بعدهُمُ حليفَ كآبة ٍ … مستورة بتجمل وتحامل

سعدُوا براحَتِهم، وها أنَا بعدهم … في شَقوة ٍ تُضنِي، وهمٍّ دَاخِل

فاعجب لشقوة متعب بمقامه … من بعد أسرته وراحة راحل

دع ذا فأنت على الحوادث مروة … تلقَى الرّزايا عالماً كالجاهل

واصبر فما فيما أصابك وصمة … كل الورى غرض لسهم النابل