حملوك لو علموا من المحمولُ – مهيار الديلمي
حملوك لو علموا من المحمولُ … فارتاض معتاصٌ وخفَّ ثقيلُ
واستودعوا بطنَ الثرى بك هضبة ً … فأقلَّها إن الثرى لحمولُ
هالوا الترابَ على دقيقٍ شخصهُ … معنى التراب وقد حواه جليلُ
جسدٌ حبستَ على التبلُّغ زاده … فسمنتَ من طرفيك وهو هزيلُ
لو تعقلُ الدنيا بأيّ بقية ٍ … زال الردى عنها وأنت تزولُ
علمتْ ببيعك أنّ يومكَ صفقة ٌ … مغبونة ٌ ومن البيوع غلولُ
ويلُ أمّها لا يستقيل عثارها … عذرٌ وأين من الحمام مقيلُ
جهل الزمان على عداوته بها … ومن النوائب عارفٌ وجهولُ
لم يرعَ صحبتك القديمة َ عازفا … عنها وأين من الوفاء ملولُ
غدرتْ بك الأيامُ بعد وثيقة ٍ … كربُ العراقي حبلُها المفتولُ
أفلم يرعها منك نفسٌ حرّة ٌ … كنتَ الوحيدَ بها وأنت قبيلُ
غنيتْ عن الآمال باستعفافها … ولكلّ صاحبِ حاجة ٍ تأميلُ
ورأت على بعد السؤال نصيبها … إنّ النباهة َ بالسؤال خمولُ
ما عابها ذمُّ الحسود إباءها … ولها الصيانُ ووجههُ المبذولُ
لو شئتَ نلتَ بها السماءَ وفسحة ً … في المال تبذُلُ فضلها وتنيلُ
ولما عداك كثيرُ حظٍّ عازبٍ … لما فطنت كفاك منه قليلُ
ولقلَّدتك على الأمور قلائداً … جيدُ الزمان بحليهنّ ثقيلُ
من صائداتٍ صائباتٍ مقتلا … وهوى فمأسورٌ بها وقتيلُ
يوماً تكون أسنَّة ً مذروبة ً … لوليجها خلفَ الدروع وصولُ
لا يبلغُ المسبار قعرَ جراحها … وبه وفى كفّ المعالج طولُ
فإذا وسمنَ على لئيم عرضهُ … عارا فليس لما علطنَ نصولُ
ويطفن يوما بالملوك حواليا … تحفاً لهنّ الشَّمُّ والتقبيلُ
أبكارهنّ المطمعاتُ نواشز … وإناثهنّ المغزلاتُ فحولُ
من كلّ بيتٍ أمره بك نافذٌ … وعلى اشتطاطك حكمه مقبولُ
وجه الصحيفة حطَّ عنه لثامُها … حسنٌ على قبح المدادِ جميلُ
وصفَ الرجالُ المعجبون نفوسهم … سرف المقالِ وكنتَ حيث تقولُ
يا ناشد الكلم الغرائب أعرضت … شبها فليس لآيها تأويلُ
قم نادِ في النادي ألابن نباتة ٍ … أذنٌ فيسمع أو فمٌ فيقولُ
واسئل غطارفَ من تميمٍ أمُّهم … يوم انطوى عبد العزيز ثكولُ
لمَ أغمدتْ عن نصره أسيافكم … ولسانه من دونكم مسلولُ
أو ما لبستم ما كسا أعراضكم … رقشاءَ يعرضُ نسجُها ويطولُ
ضيّعتمُ رحما رعاها برهة ً … ويبيسها بكِلامها مبلولُ
بادون عنك وأين منك غناؤهم … لو أنهم حيّ لديك حلولُ
شنَّت عليك مغيرة ٌ لا تقتضى … ذحلا ولا يودى لها مقتولُ
غابوا وأشهدك الوفاءُ عشيرة ً … منا فروعهم الكرامُ أصولُ
ويحول عهدُ بني أبيك وودّهم … لك والتراب عليك ليس يحولُ
أكرومة في حفظك اعتقلوا بها … إذ لا يُرى لأخي القبور خليلُ
يبني بنو عبد الرحيم سياجها … حوطا عليك كما يحاط الغيلُ
وإذا ابن أيوبٍ جرى فوراءه … وادٍ على الأعداءِ منك يسيلُ
وفتى ً من الأزدِ اغتمزت قناته … لدنا فمال هواه حيث يميلُ
أوليته في عنفوانِ شبابه … خيرَ الذي يولي الشبابَ كهولُ
فتركته وإذا سخطتَ أخاً سلا … أرضتك منه زفرة ٌ وغليلُ
وليعطينَّك حقّ سبقك قاضيا … دينَ الوفاء ودينهُ ممطولُ
منّى أخٌ إن ينأَ عنك ولاده … فودادهُ بك لاصق موصولُ
أسيانُ طابت نفسه لك بالفدى … عن نفسه لو أنه مقبولُ
عقلَ السلوُّ من العيون وإنّ لي … عيناً عليك وكاؤها محلولُ
تجد الدموعَ المقذيات جلاءها … حتى كأنّ الدمعَ فيها الميلُ
قد صرَّحت بضميرها الدنيا لنا … طلباً لفطنتنا ونحن غفولُ
ما ذا المطالُ لمقتضٍ إملاؤه … عجلٌ وموعدُ صبره تعليلُ
ويسوءني جذلى بعاجلِ وقفة ٍ … عند اليقين بما إليه يؤول
أعمى وقد أبصرتُ كم من غائبٍ … ما بعد رحلته إليّ قفولُ
وأخ سبيلي في الحياة سبيله … ملقى ً إليّ وما إليه سبيلُ
أحثو عيونا بالتراب يروعني … بالأمس فيها الإثمد المكحولِ
وأظلُّ أسمح للصعيد بأوجهٍ … قلبي بهنّ على الشحوبِ بخيلُ
بكرت على الزوراء من شرقيِّها … سحماءُ خضراءُ الفعال هطولُ
ملءُ الشِّنانِ إذا أظلَّت ساحة ً … ألقت فراعَ فؤادها التحويلُ
تسقى أبا نصرٍ ثراك حميَّة ً … للفضل إن ذُمَّ الحيا المفضولُ
وإذا احتشمتُ فلم أزر عرصاتهِ … إذ هنّ بعد الخصب منك محولُ
وتشوقني آثارُ دارك ان أرى … منها مغاني الفضلِ وهي طلولُ
قالوا طويلُ العمر قلتُ لذاكمُ … حزني عليه كما ترون طويلُ
كثرت فضائلهُ بقدرِ بقائه … وقليلُ فضلٍ من مداه قليلُ
أكل الزمانُ جماله شرَهاً فلا … شبعَ الزمانُ وشلوك المأكولُ