حماها بأطراف الرماحِ حماتها – مهيار الديلمي

حماها بأطراف الرماحِ حماتها … فلا حفلها منا ولا خلواتها

و ذبب عنها من عقيلِ بن عامرٍ … أراقمُ لا تحوي شباها رقاتها

عشيرة ُ مكلوءِ البيوتِ محصنٍ … يعزُّ بنوها أن ترام بناتها

معودة طردَ العيوب غيوبها … إذا حفظتْ عوراتها أسلاتها

و حرم واليها الولوعَ بذكرها … و إن عتبت أخرى عليها سماتها

فهل مغمزٌ في جانبٍ من ورائه … سلامة ُ يا قلبي وهذي حصاتها

فكم في بيوت العامريات من هوى … يناط كما نيطت بها خالفاتها

و مثلكَ أسرى لا يسام فداؤها … هوانا وقتلى لا تساق دياتها

بلى لكَ منها في الكرى إنْ وفيَ الكرى … و في الريح حظٌّ إن جرت نفحاتها

و ليلٍ بذي ضالٍ قصيرٍ طويله … على البدن تطوي درجه ناجياتها

ترى العيسُ في أجوازه بقلوبها … إلى قصده ما لا ترى لحظاتها

بها من حنينٍ تحته ما بركبها … و إن نطقوا الشكوى وطال صماتها

إذا الريح قرت فاستهزت ضلوعهم … تصلوا بما تذكى لهم زفراتها

سرتْ بنشاوى من معاقرة السرى … وسائدهم فوق الثرى ركباتها

نضوا ما نضوا من ليلهم ثم هوموا … غرارا وقد خاط العيونَ سناتها

على ساعة ٍ جنُّ الفلاة ِ ووحشها … تريها الشخوصَ الزورَ عنا فلاتها

تخطت الينا الغورَ فالعرضَ فالحمى … و ما ذاك ممشاها ولا خطواتها

فبتنا لها في نعمة شكرتْ لها … و ما هي جدواها ولا أعطياتها

عواطفُ دنيا في الكرى لو أردتها … على مثلها يقظانَ عزَّ التفاتها

فلم أرها وعند قومٍ أداتها … من العيش إلا وهيَ عندي أداتها

سقى الله شراً دوحة ً لي سيالها … و للناس ملقى ظلها وجناتها

و لودا ولي من حظها بطنُ حائلٍ … معنسة ٍ شابت وشابَ لداتها

أغامز منها صخرة ً إرمية ً … تفلُّ النيوبَ وهي جلدٌ صفاتها

و كيف تسامُ النصفَ أمٌّ تلونتْ … معارفها إن حوشيتْ منكراتها

ترى الوكلَ المغمورَ كحلَ لحاظها … و كحلُ أخي الهمَّ البعيد قذاتها

هوت برؤس الناسِ سفلاً وحلقتْ … بأذنابها مجنونة ً طائراتها

فعندك منها أن ترى ببغاثها … كواسبَ جوحصَّ فيه بزاتها

ركبتُ من الأيامِ ظهرَ ملونٍ … صبائغهُ والخيلُ شتى َّ شياتها

و قلبتها يوما فيوما مجربا … فلا سوءها يبقى ولا حسناتها

سأحملها حتى تخفَّ وسوقها … و أحلمُ حتى ترعوى جهلاتها

لعلَّ مميتَ الحظَّ يحييه آنفاً … فإنَّ الحظوظ موتها وحياتها

فلا يؤيسنكَ صدها من وصالها … و لا مطلها من أن تصحَّ عداتها

ألم تر ملك المكرميين نارهُ … خبت غلطا ثم اعتلتْ وقداتها

هفا الدهرُ فيهم مستغرا بغيره … فخاضوا وشاكتْ رجله عثراتها

بغى نقلَ ما أعطوا سفاهاً ولم تكن … هضابُ شروري زائلا راسياتها

هم السحبُ ملء الأفقِ والدهرُ تحتها … جفاءٌ إذا سالتْ به سائلاتها

علا السيلُ حتى الصينُ يفعمُ بحرها … فيطغى وفي بغدادَ يجري فراتها

حمى ناصرُ الدين العلا بعد من مضى … فضمتْ قواصيها ولمَّ شتاتها

و أضحى بتاج الدولة ِ العزُّ مفرقا … لها تتلظى فوقه خرزاتها

و إن فروجا سدها مثلُ سعيه … لضيقة ٌ أن ترتجى خطفاتها

رعاها أبو الأشبالِ حتى دنا بها … لها من شميم سرحها حسراتها

أخو عزماتٍ لا يراع صديقها … كما لم ينم ولا تنام عداتها

كريمُ المحيا رطبة ٌ قسماتهُ … إذا ما الليوثُ استجهمتْ عابساتها

على الصدرِ منه هيبة ٌ تملأ الحشا … ممررة ٌ أخلاقه محلياتها

و من رأيه في الحربِ عضبٌ وذابلٌ … و ما الحرب إلا سيفها وقناتها

كريمٌ فما الأحسابُ إلا اقتناؤها … لديه ولا الأموالُ إلا هباتها

إذا اعترضتهُ هزة الجود ساكنا … نزت بالندى في كفه نزواتها

أفاد الندى فلم تزل برياضه … رياحُ العلا أو صوحت شجراتها

من القوم فضوا عذرة الأرض سادة ً … و شابت وهم أربابها وولاتها

فمن حلمهم أركانها وجبالها … و من جودهم أمواهها ونباتها

و ليسوا كمن جنَّ الزمانُ برفعه … و جاءت به من دولة ٍ فلتاتها

و لا كذبا طارت به الريح طيرة ً … فأقعصه أن طأطأتْ عاصفاتها

تقيلتهم والنفس يكرمُ أصلها … على عرقها الساري فتكرمُ ذاتها

بك اهتزَّ فرعاها وأنيعَ ظلها … و طاب جناها وانتهت بركاتها

جمعتَ لها سذانَ كلَّ فضيلة … تعزّ على من رامها مفرداتها

فمن كان من قومٍ سفاً في أديمهم … و زعنفة ً تزري فأنتَ سراتها

لئن عركتْ في جنب طودك نبوة ٌ … من الدهر لا تمحى بعذرٍ هناتها

و هزَّ العدا من حسنِ صبرك صعدة ً … فقد علموا بالهزَّ كيفَ ثباتها

و ما كنتَ إلا الشمسَ ليثتْ جهامة ٌ … على خدها ثم انجلت غاشياتها

تنصل منها المالكُ لما تبينتْ … لعينه أخراها ومعتقباتها

و أبصرها شنعاءَ يبقى َ حديثها … ذميما ولا تبقى َ له عائداتها

فردك ردَّ السيفِ في الغمدِ لم تعب … مضاربهُ إن ثلمتْ شفراتها

فكيف يليقُ الحسنُ أوجهَ دولة ٍ … إذا عدمتْ تيجانها خرزاتها

رعى الله نفسا لا الغنى زادها علاً … و لا فقرها حطتْ له درجاتها

معظمة ً في حدها وسنانها … و سلطانها لا ما حوت ملكاتها

إذا قزعتْ يوما من الدهرِ نكبة ٌ … إليها عستْ فلم نسغها لهاتها

و أنت الذي تعطي وعامك أشهبٌ … عطاءَ رجالٍ خضرتْ سنواتها

مع الجود أني ملتَ غير مصرفٍ … يمينك إلا حيثُ شاءت عفاتها

أقلني أقلني جفوة ً ما اعتمدتها … و هجرة َ أعوامٍ خلتْ ما ابتداتها

و سعياً بطيئا عن مقامي من العلا … لديك إذا الأقدام فازت سعاتها

فما كان إلا الحظُّ منكم حرمتهُ … و دنيا كثيرٌ بالغنى فلتاتها

تريد بنفسي كلَّ ما لا تريده … و تمنعها ما تقتضي شهواتها

و إني لكم ذاك الذي لا حباله … ترثُّ ولا يخشى عليه انبتاتها

مقيمٌ على نعمائكم حافظٌ لها … مضبٌّ على ما أوجبت حرماتها

ينقلُ قوما قربهم وبعادهم … و نفسيَ لا تهفو بها مبدلاتها

تحنُّ إلى أيامكم في ذراكمُ … و تحفزها من عهدكم مذكراتها

و عندي لكم ن أسخطتكم سوالفي … عوائدُ ترضى مجدكم آنفاتها

تسيرُ على عاداتها بصفاتكم … طوالعَ تمشي بالعلا مثقلاتها

نوازلَ في عرض الفلا وصواعداً … تردُ على روحاتها غدواتها

تخالُ هواديها بنشرِ علائكم … برودَ زوبيدٍ نشرتْ حبراتها

يقصُّ بها تحت الظلام سميرها … و ترجزكم وجهَ النهارِ حداتها

تطربها الأسماعُ فيكم كأنما … عزيفُ الملاهي ما تقولُ رواتها

كأنّ الأولى دارتْ عليهم بيوتها … بنو نشوة ٍ دارت عليهم سقاتها

مبشرة أيامكم باتصالها … ترى الحسنَ قبلَ أن ترى أخرياتها

خوالد ما لبيَّ الحجيجُ وطوفوا … و عجتْ بسفحيْ مكة ٍ عرفاتها

و ما عقروها واجباتٍ جنوبها … تفجر من لباتها فاجراتها

تزوركم الأعياد مجلوة ً بها … تحلى َّ بما صاغت لكم عاطلاتها

إذا لعنتْ قوما لئاما ما فإنما … على ذكركم تسليمها وصلاتها