حفل المعنى – أديب كمال الدين

أجلسكِ اليومَ على مصطبةِ الحبّ وحيداً..

إلاّ من نفسي

أستجمعُ في حضرتكِ الأرضيةِ عري لغاتي

ومواجع أعضائي

وأمدُّ إليك

خمسَ أصابع من ألقِ النار

لا تنتبهي لوجيبِ عذابي وأنين نحيبي

وانتبهي لطيورِ القُبلةِ تصّاعدُ بالرغبة

وخرافاتي تملأ جوّ الغرفة

لا ترتبكي أبداً فأساطيري قادمة

وستعلن عن مفتتحِ الحفلة

أجلسكِ اليوم

في جهتي اليمنى لأحلقّ فيكِ بطيئاً

أجلسك الأخرى في جهتي اليسرى

كي أغرق في حومةِ شاطئكِ الأيمن

أبتهج اللحظة ملكا ًعادَ إلى العرشِ وودع منفيّيه

وأقوم لأعلن للأولى:

إنّ دما ًيجمعنا عذبني بالسكين طوال الرحلة..

إنّ لغاتٍ من أرقٍ سطعتْ

من أسفل أرضكِ قادتني نحو الملكوت

فارتبكتْ ذاكرتي

ذاكرةُ الطفلِ الضائعِ في الحبّ الأسود

وكذبتُ بحقكِ. قّوّمني دهركِ حتى أعمى

جهتي اليسرى

وأعاد لقلبي شيئاً ملتهباً تحت قماش ناهض

وأعاد لليلي جبلين من الطينِ اللابطِ فارتبكي

سأعيدُ اللهب إلى أصله

وأعيدُ الجبلين إلى المنفى السهلي..

أقوّمُ أحزانكِ واحدةً تلو الأخرى

انتبهي للأخرى: جلستْ كالطفلِ وكانت ذاكرة

تدعو النخل ليرمي نفسه

في أعماقِ الأنهار

كانت ترسو أرقاً من أحجار

أدخلها اليوم فقد شقّت موتي في العشرين

واختارت أن أدْفََنَ حيّاً في مقتبل العمر وحيداً

منتصف الليل

الليلُ العاصف يجمعنا، والحفّار المسرع

والزمنُ النيىء والأمطار

أدخل فيها ملكاً من أبنوس

وأمزّقُ فيها سنوات النفي وأشرعة الخذلان..

أدعو ألاّ يدخل أحد جوّ الأسطورة..

فالوقتُ يضيقُ قليلاً كفم السمكة

والأخرى تهرب. والباب الضيق مقفول. تصرخ كالأفعى

وتفحّ. أترك ما عندي وأصولُ على الأفعى

وأسوّي الجبلين سهولا

أضحكُ، أقفزُ، أحنو،

أتباركُ، أنمو، أتماسكُ، أطلقُ صيحاتي..

كي أدفن نفسي كالبرق بشقّ من طين.