حزت بالكاظمين شأنا كبيرا – حيدر بن سليمان الحلي
حزت بالكاظمين شأنا كبيرا … فابق ياصحن آهلا معمورا
فوق هذا البهاء تكسي بهاء … ولهذي الأنوارِ تزدادُ نورا
إنما أنت جنة ضرب الله … عليها كجنة الخلد سورا
إن تكن فُجِّرت بهاتيك عينٌ … وبها يشربُ العبادُ نَميرا
فلكم فيك من عُيونٍ ولكن … فُجّرت من حواسدٍ تفجيرا
فاخرت أرضك السماء وقالت: … إن يكن مفخرٌ فمنّي أستُعيرا
ودعا يا رجاءُ هاك بناني … من غدا فيهما الضراح فخورا
بمصابيحي استضيء ربا معال … شرفا بيت ربك المعمورا
لك فخر المحارة انفلقت عن … دُرّتين استقلَّتا الشمس نورا
وهما قُبّتان ليست لكلٍّ … منهما قبة السماء نظيرا
صاغ كلتيهما بقدرتهِ الصا … ئغ من نوره وقال : أنيرا
حولَ كلٍّ منارتن من التبرِ … يجلى سناهما الديجورا
كبرت كل فيه بهما شأنا … فأبدن عليهما التكبيرا
فغدت ذاتَ منظرٍ لك تحكي … فيه عذراءَ تستخفُّ الوقورا
كعروسٍ بَدت بقرطي نُضار … فملت قلب مجتلها سرورا
بوركت من منابر قد أقيمت … عُمداً تحملُ العظيم الخطيرا
رفعت قبة الوجود ولولا … ممسكاها لآذنت أن تمورا
يالك الله ما أجلك صحنا … وكفى بالجلال فيك خفيرا
طبتَ إمّا ثراك مِسكُ وأمّا … عبق المسك من شذاه استعيرا
بل أراها كافورة َ حملتها … الريحِ خُلديَّة فطابت مسيرا
كلّما مرَّت الصبا عرَّفتنا … أنها جددت فطابت مسيرا
أين منها عطر الأمامة لولا … أنها قبلت ثراك العطيرا
كيف تحبيري الثناء فقل لي: … أنت ماذا لا حسن التحبيرا
صحنُ دارٍ أم دارة ٌ نيّراها … بهما الكونُ قد غدا مستنيرا
إن أقل : أرضك الأثير ثراها … ما أراني مدحت إلا الأثيرا
أنت طور النورِ الذي مذ تجلّى … لابن عمران دك ذاك الطورا
أنت بيتٌ برفعه أذِن الله … لفرهاد فاستهلَّ سرورا
وغدا رافِعاً قواعد بيتٍ … طبر الله أهله تطبيرا
خير صرح على يدي خير ملك … قدر الله صنعه تقديرا
تلك ذاتُ العمادِ لو طاوَلته … أنها جَددت عليك المرورا
أو رأى هذه المباني كسرى … لرأى ماابتناه قدماً حقيرا
ولنادي مهنياً كل من جاء … من الفرسِ أوَّلاَ وأخيرا
قائلاً: حسبكم بفرهاد فخراً … بلداً طيباً وربًّا غفورا
قد أقرَّ العيون منك بصنعٍ … ومن قال غير ذا قال: زُورا
وبهذا البنا لكم شادَ مجداً … لم يزل فيه ذكر كم منشورا
وبعصر سلطانه ناصر الدين … فأخليق بأن يباهي العصورا
قد حمى حوزة َ الهدى فيه ربٌّ … قال: كن أنت سيفه المنصورا
يا مُقيل العِثار تُهنيك بُشرى … تركت جدج حاسد يك عثورا
من رأى قبل ذا كعمّك عمًّا … ليس تغنى الملوك عنه نقيرا
وسعت راحتاه أيامَ عصرٍ … لم يلدن الأنسان إلا قتورا
بَثَّ أكرومة ً تُريك المعالي … ضاحكات الوجوه تجلو الثغورا
ذَخر الفوز في مبانٍ أرتنا … أنَّه كان كنزَها المذخُورا
ونظرنا في بذلهِ فهتفنا: … هكذا تبذل الملوك الخطيرا
قد كسى هذهِ المقاصر وشياً … فسيكسي وشياً ويحيي قصورا
يبدو فيكِ الصباحُ سَفورا … فوق جُدرانهِ بدا مسطُورا
إنّما الرقُّ مُهرِقٌ خطَّ وصفي … ذا البنا فيه فاغتدى منشورا
لك في دفتيه سحر ولكن … خطه مذ برى البليغ زبورا
فاروِعني سحاّرة َ الحسن واحذر … لافتتانٍ بسحرها أن تطيرا
وتحدث بفضل فرهاد وانظر … كيف منه نشرت روضاً نضيرا
مستشارٌ في كلّ أمرٍ ولكن … لسوى السيف لم يكن مُستشيرا
في حجور الحرب شب وكانت … أظهر الصافنات تلك الحجورا
قد حبا في الملا فكان غماماً … واحتبى في العلى فكان ثبيرا
ملأت بردتاه علماً وحلماً … وحجى راسخاً وجوداً غزيرا
لا تقس جود كفه بالغوادي … وندى كفِّه يمدُّ البحورا
بل من البحر تستمد الغوادي … كم عليهِ تطفَّلت كي تميرا
قل في عصرنا الكرام وفي فر … هاد ذاك القليل صار كثيرا
كم رقاب ارقها ورقاب … حررتها هباته تحريرا
إن رأينا نهر المجرَّة ِ قدماً … عبرته الشعرى وكان صغيرا
فهي اليوم دونَهُ وقفت من … دونِ بحرٍ فلا تُسمَّى العَبورا
لا ثلوناً ولا نزوراً شطورا … في سماطي نادي علاه وثيرا
وعليه اتكا بأعلى رواق … تخذ المكرمات فيه سميرا
وغدا باسطاً به كفَّ جُودٍ … نشرت ميت الندى المقبورا
… فاحتلبها لبون جود درورا
وتشطر ضروعها حافلات … لا تلوناً ولا نزورا شطورا
واترِك غيرها فتلك زَبون … تدع القعب في يديك كسيرا
وعلى العصب لا تدر فأولى … لو جعلتَ العصاب عضباً طريرا
سعدُ قرِّط مسامعَ الدهر إنشادَ … ك تسمع من شئت حتى الصخورا
غير عبد الهادي أخيه أخي الـ … بالقوافي مُهنياً وبشيرا
وإمامين يُنقذان من النار … لمن فيهما غدا مستجيرا
وعلما غدا أبا لبني العلم … وأكرم به أبياً غيورا
وأغر أذيال تقواه للنا … س نفضن الدنيا وكانت غرورا
كم بسطنا الخطوب أيد أرتنا … أخذل الناس من أعدَّ نصيرا
طبتِ أهلاً وتربة ً وهواءً … كم نشقنا بجوِّه كافُورا
قد حماكِ المهديُّ عن أن تضامي … وكفاك المخشي والمحذورا
ومن الأمنِ مدّ فوقك ظِلاًّ … ومن الفخر قد كساك حبيرا
من يسامي علاه شيخاً كبيرا … وله دانت القُرومُ صغيرا
لم نجد ثانيا له كان بالفخر … خليقاً وبالثناءِ جديرا
… سيف مقالاً فصلاً عزماً مبيرا
وأخي الشمس طلعة تُبهِت الشمـ … س إذا وجهه استهل منيرا
وأخي الغيثِ راحة ً تخجل … الغيثَ ولو ساجلته نوءً غزيرا
حفظ فيك حوزة الدين إذ كم … عنكَ ردّا باعَ الزمان قصيرا
واستطالا بهمة يأسران الـ … ـخطبَ فيها ويُطلقانِ الأسيرا
فبها سيدا معاً طور موسى … من رأى همة ً تُشيد الطورا
ومقاصير لو تكلفها الدهر … لأعي عجزاً وأبدى القصورا
… لم يريدا غلا اللطيف الخبيرا
فيه كانا أعفَّ في الله كفًّا … ووراء الغيوب أنقى ضميرا
أجهدها في خدمة الدين نفساً … شكر الله سعيها المشكورا
أتعباها لتستريح بيوم … فيه تلقى جزاءَها موفورا
يعدل الحج ذلك العمل الصالح … إذ كان مثلُه مبرورا
معد الله أن يعد لكل … منهما فيه جنة وحريرا
أيها الصحن لم تزل للمصلى … ومن الذنب مسجداً وطهورا
دُمتَ ما أُرستِ الجبالُ وبانيـ … ـكَ ليومِ يُدعى بها أن تسيرا
واستطبها معطارة النظم منها … تَحسبُ اللفظَ لؤلؤاً منثورا
خُتِمت كافتتاحها فيك لا تعلَّم … أيا شذاه أذكى عبيرا