حدرت بأطراف البنان نقابَها – حيدر بن سليمان الحلي
حدرت بأطراف البنان نقابَها … مرحاً فأخجل حسنُها أترابَها
وجلت غداة تبسَّمتْ عن واضحٍ … تستعذبُ العشاقُ فيه عذابها
قتالة َ اللحظات، فهي إذا رنت … وَجد المشوقُ سهامها أهدابها
من حور عدن أقبلت لكنَّها … لم يحك مختومُ الرحيق رضابها
سارقتها النظَر المريب بمقلة ٍ … لم تقض من لمحاتها آرابها
فرأيتُ في تلك الغلائل طفلة ً … لم تدرِ إلا عطرها وخضابَها
ولقد دعوتُ وما دعوتُ مجيبة ً … ودعَتْ بقلبي للهدى فأجابها
أعقيلة َ الحَييّن شقتُ فنوِّلى … كبداً هوتك فكابدتْ أوصابها
ما دمية ُ المحراب أنتِ بل التي … تُنسين نُسّاك الورى محرابها
وأسرُّ ما ضمَّ الضجيعُ غريرة َ … لبست شبابك لا نزعتَ شبابها
يا هل سبتْكَ بلحنها ابنة نشوة ٍ … إن تشدُ رقَّصت الكؤوس حبابها
بعثتْ حديث عبيرها لكَ في الصَبا … فأرقَّ أنفاس الصَبا وأطابها
طربتْ لوصلك فاصطفتْ لك دّلها … وأتتك تغربُ في الهوى إغرابها
وحبتكَ ما خلفَ النقاب وإنها … لمراشفٌ حدر الهلال نقابها
حدَرَته عن قمرٍ يودُّ رقيبه … لو أنها استغشت عليه ثيابها
فارشفْ أغرَّ كأنَّ ناسقَ دُره … فيه تناول شهدة َ فأذابها
وانشق معطَّرة الثرى بمطارفٍ … خطرتْ تجرُّ على الثرى هُدَّابها
نضتْ الحجاب ولو عليها أسبلتْ … تلك الفروعَ إذاً أعدنَ حجابها
هتكتْ أشعة ُ نورها ستر الدجى … وجلونَ من تلك الفجاج ضبابها
فكأنَّ ليلة وصلها زنجية ٌ … حنقتْ عليكَ فمزقت جلبابها
وكأنَّ أنجمها الثواقب في الدجى … حدقٌ تراقب في الحجالِ كِعابها
تحكى وقد قلقت أميمة عندما … وصفتْ لعينكَ قرطها وحقابها
لا بل حكتْ ـ قلقاً ـ قلوب معاشرٍ … ضِمنَ النقيبُ بعزِّه إرهابها
وأرى السهى خفيت خفاءَ عِداته … لحقارة ٍ حتى على مَن هابها
خفَّت مراسيلُ الثناء بمُثقِلٍ … في شكر أنعمه الثقال رقابها
لمقلَّمِ ظفرَ الخطوب بنجدة ٍ … قلقتْ لأفواه النوائب نابَها
ملكٍ إذا استنهضته نهضتْ به … هممٌ تدكُّ على السهول هضابها
وإذا الحميَّة ألبستهُ حفيظة ً … نزعتْ لخيفته الضراغمُ غلبها
فإذا المطالبُ دون قصدكَ ارتُجتْ … فاقرعْ بهمته، ـ وحسبك ـ بابها
رضع المكارمَ ناشئاً في حجرها … وكفى العظائمَ واطئاً أعقابها
فوقاءُ طلعته الكريمة أوجهٌ … جعَلتْ عن الوفد القطوب حجابها
وفداءُ أنمله النديَّة أنملٌ … لم تندَ لو قرض القريض إهابها
ما زال يبتدىء المكارم غضَّة ً … حتى على الدنيا أعاد شبابها
أبنى الزمان وراءكم عن غاية ٍ … ما فيكم من يستطيعُ طلابها
كم تجذبون مطارفَ الفخر التي … نسجتْ لسيد هاشمٍ فاجتابها
الله جلبه الرياسة فيكمُ … أفعنه ينزع غيرُه جلبابها؟
فدعوا له صدر الوسادة واقعدوا … قاصين عنها، لستمُ أربابها
للفاطميّ القادري ومَن له … حسبٌ من الأحساب كان لبابها
تنميه من علياء هاشم اُسرة ٌ … وصل الإله بعرشه أنسابها
أنتَ الذي ورث السيادة عن أبٍ … ورث النبوة َ: وحيَها وكتابها
أقررتَ أعين غالبٍ تحت الثرى … وسررت ثمّ قصيها وكلابها
كانت مقلدَة ً رقابَ مضاربٍ … منها تعلّمت السيوفُ ضِرابها
واليوم لو شهدتْ لسانك لا نتضتْ … منه بكل وقيعة ٍ قرضابها
وأرى النقابة منكَ لابن سمائها … ضرب الإله على النجوم قبابها
وأحلَّك الدار التي لجلالها … عنت الملوك وقبَّلت أعتابها
دارٌ تمنّى النيراتُ لو أنها … لثمت بأجفان العيون ترابها
هي منتدى شرفٍ من الدار التي … كانت ملائكة السما حجّابها
حزتم بنى النبأ العظيم مآثراً … حتى الملائك لا تطيق حسابها
فيمن تفاخر والورى بأكفكم … جعل الإله ثوابها وعقابَها
كنتم على أُولى الزمان رؤوسها … شرقاً وكان سواكُم أذنابها
ولهاشمٍ في كل عصرٍ سيدٌ … يجدونه لصدوعهم رءابها
واليومَ أنت وحسبهم بك سيداً … لهم تروض من الأمور صعابها
فحدْت قوافي الشعر باسمك مذلها … راضت خلائقك الحسان صعابها
ولقد رأيتك في المكارم مسهباً … فأطلنَ عندك في الثنا إسهابها
فطرحنَ في أفناء مجدك ثقلها … ونضونَ عن أنضائهن حقابها
وأطفن منك بجنب أكرم من رعى … لبنى أرومة مجده أنسابها
يطلبن منك عناية نسمو بها … حتى نطاول في العلى أربابها
فإذا بمن لكَ تصطفيه خلطتنا … كنا لدائرة العلى أقطابها
ونرى لكَ الدنيا بعزِّك أعتبتْ … من بعدما كنا نملُّ عتابها
يا من له انتهت العلى من هاشمٍ … قد سُدتَ هاشم شيبها وشبابها
فاضرب خيامك في الذرى من مجدها … واعقد بناصية السهى أطنابها