حتّامَ ذمِّي عندكمْ أزماني – الشريف المرتضى

حتّامَ ذمِّي عندكمْ أزماني … وبحبِّكمْ طرقَ الزّمانُ جَناني؟

تالله ما أنصفتمُ فى حبّكمْ … فرداً وأنتمْ والغرامُ اثنانِ

لو أنّ هذا الحبَّ يظهر شخصهُ … لدخلتُ في أحشائهِ بسِنانِ

لكنَّه يرمي القلوبَ ويتَّقي … بسوادِها من أسهمِ الشُّجعانِ

يا ليتَ شعرى كيف يثأر عاشقٌ … وعدوّه فى موطنِ الأخدانِ ؟

يا مَن يغيرُ على المحبِّ بقلبهِ … ألاّ انفردتَ له من الأعوان ؟

لو كانَ ذاك لما انفردتَ بطائلٍ … ولعدتَ تسحب بردة َ الحرمانِ

وأنا الّذى راع اللّيالى بأسهُ … فشعارها من أسترِ الألوان

يلقَى الرَّدَى بعزيمة ٍ هو عندَها … والعيشُ إلاّ في الذُّرا سِيّانِ

سَلْ عنِّيَ الأبطالَ إذْ عمَّمْتُهمْ … بقواضبى بدلاً من التّيجانِ

تُخبِرْكَ عن نَصْلِ الفَراشِ رؤوسُهمْ … ونحورُهمْ تُنبيك عن خُرصاني

لا تأمنُ الأعداءُ منّى نجدة ً … ظفرى بهمْ يلقاهمُ بأمانى

يا عاذلى فى بذلِ نفسى للوغى … أنتَ الكفيلُ بعيشِ كلِّ جبانِ

إنَّ الرَّدى دَيْنٌ عليكَ قضاؤه … فاسمحْ به في أشرفِ الأوطانِ

من فات أسبابَ الرّدى يوم الوغى … لحقتهُ فى أمنٍ يدُ الحدثانِ

لو كانَ هذا الدَّهرُ يُنصفُ ساعياً … لوطئتُ منه مطالعَ الدّبرانِ

لا تأملنْ زمناً يؤلّف ورده … بين الأسودِ الشّوسِ والسّرحانِ

يعطى بنيهِ العيشَ لا عن صبوة ٍ … ويشلّهمْ عنه بلا شنآنِ

فمتى رأيتَ مجرِّراً أذيالَهُ … ناديته يا صاحبَ الأكفانِ

عندى له صبرٌ يردّدُ ريقه … في صدره وقذاهُ في الأجفانِ

ولطَالما جرَّعتهُ كأسَ الأسى … وجَدَحْتُها بأسنَّة ِ المُرّانِ

كن يا زماني كيف شئتَ فلن تَرى … شخصَ المذلّة ِ لائذاً بلُباني

ما كلُّ مَن تَلقَى يبيعُك عقلَه … ولَبَيْعُهُ من أكبرِ الخُسْرانِ

ألقيتُ عن قلبي السُّرورَ لفارغٍ … من همَّتي بغرورِه ملآنِ

ما عاقني سِرْبُ السُّرورِ، وإنَّما … كبرُ النّفوسِ شبيبة ُ الأحزانِ

ومُبرَّإٍ من كلِّ ماشمل الورَى … ألقيتُ من ثِقَتي إليه عِناني

لمّا كساني حُلَّة ً من وُدِّهِ … أُنْسِيتُ سَلْبَ حَبائبي رَيْعاني

ما زلتُ أفحصُ في الورَى عن مثلهِ … حتّى ظفرتُ بمن أقول كفانى

طمحتْ إليه عينُ كلِّ رئاسة ٍ … لولاه ما نظرتْ إلى إنسانِ

لو شاء ما فاتَتْه أبعدُ رُتْبَة ٍ … يسعى إليها الخلقُ بالأجفانِ

لكنَّه نظرَ الممالكَ دونَهُ … فَزَها على السُّلطانِ مِن سلطانِ

سبقَ الكرامَ السّالفين إلى العُلا … والسَّبْقُ للإحسانِ لا الأزمانِ

يا مَنْ عَلا بي ظهرَ وَرْدٍ سابقٍ … لمّا رأى ذمّى إليه حصانى

إيّاك أنْ تفشى سريرة َ وذّنا … فيصدّنى عن قربك الملوانِ

ويمدّ صرفُ الدّهرِ نحوى طرفه … وهو الذي لولاكَ ليس يراني

هذا الذي ذكراهُ آنسَ ناظري … وهواهُ أوحشني منَ الأشجانِ

أُهدي إليه من كلامي أيِّمّا … لكنْ لها من مدحهِ بعلانِ

تتجاذبُ الخُطّابُ دونَ جَنائها … ويردُّ عنها أجملُ الفتيانِ

فتودُّ كلُّ جوارحى فى مدحه … أنْ كنَّ من شوقٍ إليه لساني