حبَّ إليها بالغضا نرتيعا – مهيار الديلمي

حبَّ إليها بالغضا نرتيعا … وبالنَّخيلِ مورداً ومشرعا

وبأثيلاتِ النَّقا طلائلاً … يفرشها كراكرا وأذرعا

تقامصُ البزلاءُ فيها بكرها … منْ المراحِ والصَّنيِّ الجذعا

منى ً لها لو جعلَ الدَّهرُ لها … أنْ تأمنَ الطَاردَ والمدعدعا

عزَّتْ فما زالَ بها جورُ النَّوى … والبيدُ حتى آذنتْ أنْ تخنعا

أمكنتْ منْ الخشاشِ آنفاً … ما طمعتْ منْ قبلُ فيها مطمعا

اللهُ يا سائقها فإنَّها … جرعة ُ حتفٍ أنْ تجوزَ الأجرعا

أسلْ بها الوادي رفيقاً انَّها … تسيلُ منها أنفساً وأدمعا

قدْ كانَ نام البينُ عنْ ظهورها … وضمَّ شتَّى شملها الموزَّعا

فعادَ منها مضرماً ألهوبهُ … لا بدَّ في طائرهِ أنْ يقعا

منْ بمنى ً وأينَ جيرانُ منى ً … كانتْ ثلاثاً لا تكونُ أربعا

راحوا فمنْ ضامنِ دينٍ ما وفى … وحالفٍ بالبيتِ ما تورَّعا

وفي الحدوجِ غاربونَ أقسموا … لا تركوا شمساً تضيءُ مطلعا

سعى بي الواشي إلى أميرهمْ … لا طافَ إلاَّ خائباً ولا سعى

لا وأبي ظبية َ لولا طيفها … ما استأذنتها مهجتي أنْ تهجعا

ولا رجوتُ بسؤالي عندها … جدوى سوى أنْ أشتكي فتسمعا

يا صاحبي سرُّ الهوى إذاعة ٌ … طرَّتْ خروقٌ سرَّثا أنْ ترقعا

إشرافة ً على قبا إشرافة ً … أو أجتهاداً دعوة ً أنْ تسمعا

يا طلقاءَ الغدرِ هلْ منْ عطفة ٍ … على أسيرٍ بالوفاءِ جمعا

سلبتموني كبداً صحيحة ً … أمسِ فردَّوها عليَّ قطعا

عدمتُ صبري فجزعتُ بعدكمْ … ثمَّ ذهلتُ فعدمتُ الجزعا

وأنتِ يا ذاتَ الهوى منْ بينهمْ … عهدكِ يومَ وجرة ٍ ما صنعا

لمَا ملكتِ بالخداعِ جسدي … نقلتِ قلبي وسكنتِ الأضلعا

وارتجعا إليَّ ليلة ً بحاجرٍ … أنْ تمَّ في الفائتِ أنْ يرتجعا

قالوا ألكنا فوعظنا صخرة ً … لا يجدُ الغامزُ فيها مصدعا

قلباً على العتبِ الرَّفيقِ مااعوى … لحاجة ٍ فيكَ وسمعاً ما وعى

قلتُ فما ظنُّكما قالوا نرى … أنْ ندعْ الدَّارَ لهمْ قلتُ دعا

فهو معَ اللَّوعة ِ قلبُ ماجدٍ … إذا أحسَّ بالهوانِ نزعا

قدْ باطنَ النَّاسَ وقدْ ظاهرهم … وضرَّهُ تغريرهُ ونفعا

وقلَّبَ الإخوانَ وافتلاهمُ … فلمْ يجدْ في خلِّة ٍ مستمتعا

بلى حمى اللهُ العميدَ ما حمى … عيناً بجفنٍ وسقاهُ ورعى

وصانَ منهُ للعلا منبتها الزَّ … اكي وشرعَ دينها المتَّعبا

والواحدَ الباقيَ في أبنائها … والثكلُّ قدْ أوجعها فيهمْ معا

ضمَّ فلولَ الفضلِ حتى أجتمعتْ … مفرَّقٌ منْ مالهِ ما اجتمعا

وانشرَ الجودَ الدَّفينَ مطلقُ ال … كفِّ إذا أعطى ابتداءً أتبعا

ودبَّرَ الأيَّامَ مرتاضاً بها … فلقَّبتهُ النَّاهضَ المضطلعا

وفى بما سنَّ الكرامُ في النَّدى … ثمَّ استقلَّ فعلهمْ فابتدعا

منْ طينة ٍ مصمتة ٍ طائيِّة ٍ … يطبعها المجدُ على ما طبعا

خلَّى الرِّجالُ حلبة َ الجودِ لها … والبأسِ قداماً وجاءوا تبعا

ومرَّ منها واحدٌ معْ اسمهِ … يفضحُ كلَّ منْ سخا أو شجعا

ولا ومنْ أولدهمْ محمَّداً … واختارهُ منْ غصنهمْ وأفرعا

ما خلتُ أنْ يبصرَ ضوءُ كوكبٍ … منْ هالة ِ البدرِ ابيهِ اوسعا

وأنَّنا نغفلُ ذكرَ حاتمٍ … في طيِّءٍ ونذكرُ المزرَّعا

حتى علتْ منْ بيتهِ سحابة ٌ … جفَّ لها ما قبلها وأقشعا

وامطرتْ منَ العميدِ مزنة ٌ … عمَّتْ فما فاتَ حياها موضعا

صابتْ حساماً ولساناً ويداً … بأيِّها شاءَ مضى فقطعا

مدَّ إلى أفقِ العلا فنالهُ … يداً تردُّ كلَّ كفٍّ إصبعا

والتقطَ السوددَ منْ اغراضها … فلمْ يدعْ لسهمِ رامٍ منزعا

تختصمُ الأقلامُ فيهِ والظُّبا … كلٌّ يقولُ بي بدا ولي سعى

ويدَّعيهِ الجودُ ما بينهما … لنفسهِ فيعطيانِ ما ادَّعى

أيقظكَ التَّوفيقُ لي وما أرى … في النَّاسِ إلاَّ الهاجعَ المضطجعا

وأجفلتْ عنِّي صروفُ زمني … مذ قمتَ دوني بطلاً مقنَّعا

وغرتْ للمجدِ التَّليدِ أنْ ارى … تقلُّلاً عندي أو تقنُّعا

ملأتُ وطبي فمتى أقرى القرى … لا أسقِ إلاَّ مفعماً أو مترعا

وكنتُ في ظلِّكَ أبدي جانباً … منْ جادة ِ البحرِ وأزكى مرتعا

فما أبالي حالبات المزنِ أنْ … تفطمني بعدكَ أو أنْ ترضعا

أغنيتني عنْ كلِّ خلقٍ أنفقُ ال … نِّفاقَ في ابتياعهِ والخدعا

وملكٍ مستعبدٍ بمالهِ … أحطُّ منْ عرضي لهُ ما رتفعا

غذا دعا مستصرخٌ برهطهِ … يدفعُ ضيمَ الدَّهرِ عنهُ مدفعا

ناديتُ في تاديَّ آلِ جعفرٍ … على نوى الدَّارِ فكنتُ مسمعا

وبتُّ أرعى منْ جنى إسعادكمْ … روضاً أريضاً وجناباً ممرعا

لبستُ عيشي أخضراً أسحبهُ … بينكمُ وكانَ رثَّاً أسفعا

ليالياً يحسبنَ أيَّاماً بكمْ … حسناً وأيَّاماً يخلنَ جمعا

فإنْ شكوتُ أنَّ حظِّي عاثرٌ … بعدكمُ فقلْ لحظِّي لا لعا