حبستُ على اللهو قلباً طليقاحبستُ على اللهو قلباً طليقا – حيدر بن سليمان الحلي

حبستُ على اللهو قلباً طليقاحبستُ على اللهو قلباً طليقا … وقمت أُحيّي الخيالَ الطرُوقا

لدى روضة ٍ قد كساها الربيعُ … من النور والزَهر بُرداً رقيقا

عليها الصَبا سحبت ذيلَها … وذرَّت من الطيبِ مسكا سحيقا

تروقك إن مرَّ فيها النسيمُ … منها يلاعبُ غصناً وريقا

كأَنَّ الغصون إذا الوِرق غنّت … على الأيك نشوانُ لن يستفيقا

إذا اعتنقت طرباً خِلتهنَّ … شقيقاً يعانقُ شوقاً شقيقا

عشيّة لهوٍ بِها الدهرُ جادَ … بها عادَ عيشي غضًّا أنيقا

أمنتُ بها الدهرَ حتى كأبّي … أخذتُ على الدهرِ عهداً وثيقا

سررتُ بها غير أنَّ الحبيب … فقدانُه ساءَ قلب المشوقا

فكنت إذا قلبي اشتاقه … لأرشفَ فاهُ رشفت الرحيقا

وأعتنقُ الغصنَ عن قدِّه … وألثمُ عن وجنتيه الشقيقا

فما زلتَ أجني ثمار السرور … والنقى والعقيق بها والرصيقا

إلى أن رأيت الصباحَ انتضى … على مفرق الليل عضباً ذليقا

مضى الليلُ يدعو النجاءَ النجاءَ … والصبحُ يدعو اللحوقَ اللحوقا

فقمتُ ولم أرَ ممّا رأيتُ … شيئاً، اكفكفُ دمعاً دفوقا

وقد كنت أحسب طرفَ الزمانِ … من سكرة النوم بي لن يضيقا

فيا لائمي إن ذكرتُ العقيقَ … ولولا الهوى ما ذكرتُ العقيقا

تذكرتُ من كنت ألهو به … فصرت لكتم الهوى لن أُطيقا

لئن بانَ جسمي عنه فقد … تخلَّف قلبي فيه وثيقا

فليت غدت حالباتُ الربيع … حياها على غيره لن تُريقا

فتسقي به مُرضِعات الربيع … رضيعَ الخمائل ماءً دفوقا

ففي كلّ يومٍ بأطلاله … أحيِّ من الغيد وجهاً طليقا

ومرهفة الخصر وسنى اللحاظِ … تغادرُ قلبَ المعنّى خفوقا

إذا ما رشفت لمى ثغرِها … تَعافُ الصبوحَ له والغبوقا

ترى البدرَ والغصنَ والظبيَ … والنقى والعقيقَ بها والرحيقا

محيًّا وقدّاً وجيداً وعيناً … وردفاً ثقيلاً وثغواً وريقا