حالة الصحراء/النرجس – أدونيس

للماء نايٌ كنت أسمعه وأسمع شهوتي

لغةً تأخّرَ وحيُها

وتجيءُ بين هنيهةٍ وهنيهةٍ

غيّرتُ قافلتي، الخليقة طينةٌ/ نَرْدٌ، سألهو،

بسريرتي وبِنَرْدِها.

وأنا الذي ولدته صحراءٌ / أيائلُ حلمِه

مكسوّةٌ بنخيلها

وسُدىً لعبتُ النّردَ مع قَمَرٍ، وطفتُ على بساطٍ

من سندسٍ،

وسُدىً لعبتُ النّردَ مع قَمَرٍ، وطفتُ على بساطٍ

من سندسٍ،

وسُدىً أملتُ بما يقول غرابُ ظَنّي،

أو بما يَعِدُ الخرابْ

يا شعرُ،يا حوذيَّنا المجنون خُذْني/

خُذْنا لنسبقَ موتَنا

لِنَرى، لنكتُبَ ما سيأتي

ونكونَ فاتحةَ الكتابْ.

صحراءُ أمٌ

وأنا الشهادة، ضائعاً

يهذي كمن يمشي على

أشلائِه

يمشي ويرتجل الفضاءْ.

وأنا الشهادة، أرضنا

طمست

لكثرة ما تراكم فوقَها

من أنبياءْ.

صحراء سرّ:

هذا هو السرّ المبينُ،

سحابةٌ

تلقي عباءَتها عليّ، حفيفُها

لغة لنجوم الآفله،

تِيهٌ ، وقافلةٌ تضيّع قافله.

صحراء تلمسني حَصاةٌ: أنتَ أنتَ،

وألمس الرّملَ الصّديقَ: أأنتَ أنتَ؟

شرارُكَ التهمَ الشّرارا،

صحراء تحمل نخلةٌ

نجماً، وتجمل ناقةً

قمراً، وتبتكر الصّحارى،

صحراء نرجسها يغوصُ، يعوم في تيه المرايا

متكسّراً:

صوراً يراقصها ويبكيها ويرسم وجهه

فيها، يُفتِّتت بعضهُ بعضاً،

يُجنُّ بهذه الصّور الشّظايا

نَسَجَ النّهارَ بليلِه

حلماً أحبّ لكي يُضيءَ، لكي يموتَ / ونرجسٌ

هذي البقايا

لا، ليس نرجس غير طَيْفٍ

لا، ليس هذا الطّيفُ غيرَ بكائِه

صحراء تلتهِمُ الفضاءَ، وليس نرجس غيرَ قَبْرٍ،

هوذا أراه، كما روت أحلامُه

نسيَ الطّريقَ إلى سُلافةِ مائهِ، نسيَ الكلاما،

هوذا أراه متوّجاً بِسرابِه

أعطى لأطراف السّماء يديهِ، مِن تَعبٍ، وناما.