جَلَّيْتَ فِي حَلْبَةِ السِّبَاقِ – خليل مطران

جَلَّيْتَ فِي حَلْبَةِ السِّبَاقِ … وَجَدِّ مَنْ جَدّ فِي اللَّحَاقِ

مَوْعِدُنَا صَاقِبٌ وَلَكَنْ … وَاحَرَّ قَلْبَاً مِنَ الْفِرَاقِ

لاَ تَعْجَبُوا مِنْ بُكَاءِ كَهْلٍ … إِنَّ النَّوَى مُرَّةُ المَذَاقِ

يَبْكِي عَلَى عَلْمِهِ بِأَلاَّ … يَطُولُ عَهْدٌ دُونَ التَّلاَقِي

أَلْفَرْغَلِيُّ الأَرِيبُ وَلَّى … وَكَانَ مِنْ خِيرَةِ الرِّفَاقِ

رَاعَتْ حُلِيُّ الْبَدِيعِ فِيهِ … بَيْنَ المُنَابَاةِ وَالطِّبَاقِ

أَلْقَلْبُ عَفٌّ وَالقَوْلُ عَفٌّ … وَالفِكْرُ رَاقٍ وَالحِسُّ رَاقِ

جَلاَئِلُ الرَّأْيِ كَامِناتٌ … بَيْنَ أَسَالِيبِهِ الدَّقَاقِ

وَكُلُّ حُسْنِ الْبَيَانِ بَادٍ … فِي صَوْغِ أَلْفَاظِهِ الرَّقَاقِ

مِنْ عِظَمِ الْخُلْقِ لَمْ يَفُتْهُ … فِي كُلِّ حَالٍ أَوْفَى خَلاَقِ

قَدْ أَطْعَمَ السُّهْدَ مُقْلَتَيْهِ … وَأَقْلَقَ المَهْدَ بِالصِّفَاقِ

وَعِبْئُهُ فِي هَوَى حِمَاهُ … لَمْ يَلْقَهُ فِي الْحُمَاةِ لاَقِ

عَلاَمَ ضَاقَتْ بِهِ حَيَاةٌ … مَجَالُهَا وَاسِعُ النِّطَاقِ

جِدُّ المَسَاكِينِ هَؤُلاَء … الَّذِينَ عَاشُوا بِلاَ نِفَاقِ

إِذْ جَوْهَرُ الصَّدْقِ فِي كَسَادٍ … وَسِلْعَةُ الإِفْكِ فِي نَفَاقِ

يَا شَارِباً كَأْسَهُ دِهَاقاً … وَالْهَمُّ فِي كَأْسِهِ الدِّهَاقِ

أَلموْتُ فِيمَا عَلِمْتَ حَقاً … أَهْنَأُ رَاحٍ يَسْقِيهِ سَاقِ

يَا وَيْحَ لِلشَّرْقِ كَيْفَ يُفْنِي … قُوَاهُ فِي بُؤْرَةِ الشِّقَاقِ

إِنْ لَمْ يَرِدْ وِرْدَهُ مَرِيراً … مَاتَ مِنَ الغَمِّ فِي احْتِرَاقِ

وَلَمْ يُرَفَّهْ عَنْهُ عَنَاءٌ … بَيْنَ اصْطِبَاحٍ أَوِ اغْتِبَاقِ

دَعُوا الشُّعَاعَ المُضِيءَ يُزْهِرْ … بِلاَ حِجَابٍ وَلاَ اعْتِيَاقِ

هَلْ تَسْتَنِيرُ الْعُقُولُ وَالْبَدْ … رُ لَيْلَةَ التِّمِّ فِي مِحَاقِ

يَا مَنْ قَضَى عَنْ عَظِيمِ شَأْنٍ … فُزْ بِجَزَاءٍ لَهُ وِفَاقِ

إِنْ أَخْلَدَ المَرْءَ حُسْنُ فِعْلٍ … فَأَنْتَ بِالْخَالِدَات بَاقِ

هَذَا رَثَاءٌ أَطْلَقْتُ فِيهِ … وَهْيَ شُجُونِي بِلاَ سِيَاقِ

جَرَى بِهِ الحُزْنُ مِنْ فُؤَادِي … جَرْيَ دُمُوعِي مِنَ المَآقي