جَرَى حُكْمُ الحَدِيدِ عَلَى النِّيَاقِ – خليل مطران
جَرَى حُكْمُ الحَدِيدِ عَلَى النِّيَاقِ … وَدَالَتْ دَوْلَةُ الجُرْدِ العِتَاقِ
سِوَى قَلُصٍ تَقَلَّصَ فِي البَوَادِي … وَرَيِّضَةٍ تُضَمِّرُ لِلسِّبَاقِ
ذَخَائِرُ مُؤْذِنَاتٌ بِانْقِرَاضٍ … تذَكِّرُنَا غَوَابِرَهَا البَوَاقِي
لَقَدْ أَخَذَتْ عَلَيْهَا الطُّرْقُ نهْبَ … نَوَاعِلُ بِالحَدِيدِ أَوِ الطِّرَاقِ
وَخَلَّتْ سَيْرَ أَسْرَعِهَا بَطِيئاً … رَكَائِبُ كَالسِّهَامِ بِالانْطِلاَقِ
ضَوَارِبُ فِي العَنَانِ مُسَيَّرَات … بِأَنْفَاسٍ دَوَائِبِ الاحْتِراقِ
مُزَجَّاةٌ بِأَجْنِحَةٍ غِلاَظٍ … تَزِفُّ زَفِيفَ أَجْنِحَةٍ رِقَاقِ
أَبَاحَ تَنَاهُبَ الآفاقِ عَصْرٌ … أَدَالَ مِنَ الصَّوَافِنِ وَالمَنَاقِي
فَلَمْ نَذْمُمْ لَهَا عَهْداً وَلكِن … قَضَى عَهْدٌ جَدِيدٌ بِالفِرَاقِ
وَكَانَتْ رُؤيَةً أُولَى حَبَتنْا … بِبْرُءٍ لِلقُلُوبِ وَلِلحِدَاقِ
خُلاَصَةُ هَاشِمٍ فِي خَيْرِ عَقْبٍ … وَصَفْوَةُ مَنْ مَضَى فِي خَيْرِ بَاقِ
فَحَدِّثْ عَنْ مَزَايَاهُ الغوَالي … وَحَدِّثْ عَنْ سَجَايَاهُ العِتَاقِ
تَأَتِّى وَالعُرُوبَةُ فِي نُشُورٍ … فَجَاءَ البَاعِثَانِ عَلى وِفَاقِ
فَتىً حُلوٌ مَذاقُ نَدَاهُ سَلْماً … وَلَكِنْ بَأْسُهُ مُر المَذَاقِ
حَكِيمٌ يَنْثُرُ الآرَاءَ نَثْراً … فَتُلْفِيهَا بَدِيعَةَ الاِنْتِسَاقِ
وَيُغْرِبُ فِي فَعَائِلِهِ فَتأَتِي … رَوَائِعَ فِي التَّفَرُّدِ وَالسِّيَاقِ
لَقَدْ أَلِفَ المَخَاطِرَ فَهْوَ يَهْفُو … إِلَيْهَا مَا وَقَتْ مِنْهَا الأَوَاقِي
فَمَا يَرْتَاضُ إِلاَّ مُسْتَثِيراً … كَوَامِنَهَا عَلَى قَدَمٍ وَسَاقِ
عَلَى مَتْنِ ابْنِ أَعْوَجَ فِي فَلاَةٍ … وَفِي أُخْرَى عَلَى مَتْنِ البُرَاقِ
يُلاَقِي مَا يَهُولُ النَّاسُ مِنْهَا … وَقَدْ يَلْهُو بِأَخْطَرِ مَا يُلاَقِي
وَبُدِّلْنَا مَطَايَا لاَ تجَارَى … مِنَ اللاَّئِي عَجَزنَ عَنِ اللِّحَاقِ
وَهَلْ تَرْقَى بِلاَدُ اللهِ طُرّاً … وَشَأْنُ العُرْبِ يَمْكُتُ غَيْرَ رَاقِ
سَنَحْفَظُ مِن خلاَئِقِ مُورِثِينَا … أَمَانَةَ مَجْدِهِمْ أَوْفَى خَلاَقِ
وَنَهْجُرُ مَا أَلِفْنَاهُ اخْتِيَاراً … إِذَا مَا اعْتَاقَنَا أَدْنَى اعْتِياقِ
تَقَدَّمْنَا الَّذِينَ تَقَدَّمَتْهُمْ … بِنَا دَهْراً خُطَى العَنْسِ الدِّقَاقِ
فَجَابُوا مِنْ عَلٍ قُطْباً فَقُطْبَاً … لِعِلْمٍ يُسْتَفَادُ أَوْ ارتفاقِ
فَإِمَّا أَنْ نجَلِّيَ فِي مَدَاهُمْ … وَإِمَّا أَنْ نَسِيرَ مَعَ الرِّفَاقِ
أَتْبصِرُ مِنْ سَمَاءِ الشَّرْقِ طَيْرَاً … تَوَافَدُ فِي إِئْتِلاَفٍ وَائْتِلاَقِ
عَلَى السِّرْبِ المُطِلِّ اليَوْمَ مِنهَا … سَلاَمٌ مِنْ قلوبٍ فِي اشْتِيَاقِ
تِلمُّ بِمِصْرَ حَامِلَةً إِلَيْهَا … جَلاَلَةَ فَيْصَلٍ مَلِكَ العِرَاقِ
فَيَا عَجَباً لَهَا كَيْفَ اسْتَقَلَّتْ … بِمَجْدٍ مَالِيء السَّبْعِ الطَّبَاقِ
تَيَمَّنَّا بِطَلْعَتِهِ وَكُنَّا … عَلَى ظَمَإٍ إِلى هَذَا التَّلاَقي
فَلَمْ تَزِدِ المَآقِي إِذْ تَجَلَّتْ … عَلَى مَا كَانَ مِنْهَا فِي المَآقِي