جارتي هل رأيتِ مثلي جارا – مصطفى صادق الرافعي

جارتي هل رأيتِ مثلي جارا … كلما جنهُ الظلامُ استجارا

ينثني مرةً على الكبدِ الحرّا … ويبكي على الفؤادِ مرارا

فأعيني على الأسى اليومَ وارعي … بيننا الودَ والهوى والجوارا

كيفَ تنأينَ والقلوبُ بكفيكِ … ولما تفكي هذهِ الأسارى

كلُ يومٍ تبلو العذابَ جديداً … وهي ليستْ تحبُ إلا اضطرارا

وإذا ما عذبت ذي العين بالما … ءِ فكيفَ استحقَّ ذا القلبُ نارا

أمهليني أذرُّ المدامعَ حيناً … إن في أعيني دموعاً غزارا

وبنفسي على الحبيبةِ عتبٌ … مثلَ هزِّ النسائم الأزهارا

ليتها حينما تجنَّتْ ولا ذنبٌ … جنيناهُ تقبل الأعذارا

كيفَ هامَ القطارُ حينَ رآها … أترى حسنُها استهامَ القطارا

ليسَ في قلبهِ سوى الشوقِ لكنْ … كتم الدمعَ فاستحالَ بخارا

وإذ صاحَ صيحةَ الببنِ فينا … تركَ العاشقينَ طرّاً حيارى

سارَ يطوي جوانبَ الأرضِ طياً … ولو اسطاعَ أن يطيرَ لطارا

كزمانِ الصبا وونومي إذا نم … تُ وطيفِ الحبيبِ ليلةَ زارا

أو كمعنىً يمرُّ بالفكرِ لا ينقا … دُ أو مثلِ خاطري لا يُجارى

وكأنَّ البلادَ أرسلنَ منهُ … مثلاً راحَ بينها سيَّارا

يا شبيهَ الدجى إذا غابتِ الشم … سُ انطلق سالماً وقيتَ العشارا

لو درى الأفقُ أنها فيكَ ما أط … لعَ شمسُ الضحى لئلا تغارا

سوفَ تأسى كما أسيتِ إذا ما … آنستَ أهلها وتلكَ الديارا

وسرورُ الفتى غرورٌ إذا كا … نَ يرى ما يسرُّهُ مستعارا

ليتَ شعري أنافعي اليومَ أني … لا أرى كالذي ترى أشعارا

تحسبُ الناسُ أن تلوها سكارى … قد حسوها وما همْ بسكارى

وإذا ما أشدتَها الفجرَ يوماً … سحرَ الفجرَ حسنُها فاستطارا

ورأيتُ النجومَ غارتْ حياءً … وسمعتُ الهزارَ يُشجيْ الهزارا

إن عدمنا الناس من يسعدُ النا … سَ فإنا لم نعدم الأطيارا

يا ليالي الفراقِ كوني طوالاً … داجياتٍ أو مشرقاتٍ قصارا

ما لمنْ فارقَ الحبيب جفونٌ … تعرفُ الليلَ بعدهُ والنهارا

والذي يعشقُ الحسانَ إذا سرَّ … تْهُ دهراً أسأْنهُ أدهارا

والأماني يسعى لها الناسُ لكنْ … أنهكَ الحظُ دونها الأغمارا