تُولَّتكِ العِنَايَةُ فِي الذَّهَابِ – خليل مطران

تُولَّتكِ العِنَايَةُ فِي الذَّهَابِ … وَحَاطَتْكِ الرِّعَايَةُ فِي الإِيَابِ

تُحَجِّبُكِ الجَلاَلَةُ فِي سُفُورٍ … وَتَجْلُوكِ النَّبَالَةُ فِي الحِجَابِ

وَمَا أَزْهَى النِّقَابَ حِلىً إِذَا مَا … تُنُخِّلَتِ الأَشِعَّةُ فِي النِّقَابِ

لأَنتِ الشَّمْسُ إِحسَاناً وَحُسْناً … تُرِينَا آيَةَ العَجَبِ العُجَابِ

فَمِنْ لأْلاَئِهَا الأَنوارُ تُهدَى … وَمِنْ آلائِهَا دَرُّ السَّحَابِ

بديعٌ أَنْ تَكُونِيَها وتُكْسَى … بما نَسجَتْ وزَانَتْ من ثِيَابِ

قَدْمَتِ وَكُلُّ ذِي شَأْنٍ كَبِيرٍ … من الإكبارِ يَمْشِي في الرِّكَابِ

وَحَوْلَكِ أُمةٌ قَرَّتْ عُيوناً … بِوَجُهِكِ يُجْتَلَى بعدَ ارْتِقَابِ

تُقَبِّلُ بِالضَّمِيرِ يَداً أَفَاضَتْ … عَلَيْهَا مِنْ مَوَارِدِهَا العِذَابِ

وَأَولَتْهَا عَوَارِفَ سَابِغَاتٍ … عَدَوْنَ مَدَى رَغَائِبِهَا الرِّغَابِ

أَصَبْتِ مِنَ المَنَاقِبِ كُلَّ حَظٍّ … وَلَمْ تَنْأَيْ عَنِ الَّرأْيِ الصَّوَابِ

فَمَا أُوتِيتِ مِنْ نَعْمَاءَ إِلاَّ … تَقَاسَمَهَا عُفَاتُكِ كالنِّهَابِ

كَذاكَ مَكَارِمُ الأَخْلاَقِ تَعْلُو … إِمَارَتُهَا وجَدُّ الحِرْصِ كَابِي

إِذا انْتَهَتِ الزَّكَاةُ إلى نِصَابٍ … فقد جاوَزْتِ أَضعَافَ النِّصَابِ

بِحيثُ لوِ الذُنُوبُ عَلَى اللَّيَالي … حُسِبْنَ رَبَا نَوالُكِ فِي الْحِسَابِ

مَنَاقِبٌ كَمْ أَحَلَّتْ مُسْتَضَاماً … بِهِ الأَيَّامُ ضَاقَتْ فِي رِحَابِ

وَآوَتْ لاَجِئاً وَشَفَتْ عَلِيلاً … وَأَنْجَتْ مُسْتَغيثاً مِنْ عَذَابِ

وَشَادَتْ للنَّدَى مِنْ كُلِّ ضَرْبٍ … مَعَاهِدَ تُنْتَحَى من كُلِّ بَابِ

وَرَبَّتْ للْحِمَى نَشْئاً كِرَاماً … بِبِرٍّ ما نَمَوْا في العَدِّ رَابِي

إِذَا بَعُدَ المُؤَمَّلُ أَدْرَكُوهُ … قَرِيبَ الشَّأْوِ مَيْسُورَ الطِّلاَبِ

مَفَاخِرُ فِي كِتَابِ الدَّهْرِ خُطَّتْ … بِكَفِّ لَمْ تُفَاخِرُ بِالخِضَابِ

سَيَتْلُوها فَيَطْرَبُ ذَاكِرُوَها … كَمَا يَتْلونَ آيَاتِ الكِتَابِ

رَعَاكِ اللهُ يَا فَخْرَ الغَوانِي … بِطَارِفِهَا وَتالِدِهَا اللُّبَابِ

عَلَى نَفْسِي قَطَعْتُ لُكُمْ عُهُوداً … مَنُوطَاتٍ بِأَخْلاَقِ صِلاَبِ

سَأَحْفَظُ حَقَّهَا المَرْعِيَّ حِفْظاً … يَطُولُ مَدَاهُ مَا طَالَ المَدَى بِي

يَنَالُ الشَّيْبُ مِنْ عَزْمِي وَتَبْقَى … كَأَنِّي أَسْتَعِيدُ بِهَا شَبَابِي

أُجيٍبُ دَعَاءَهَا حَوْلاً فَحَوْلاً … وَأُذْنُ الدَّهْرِ سَامِعَةٌ جَوَابِي

قَوَافٍ يُسْلِسُ الإِخْلاَصُ مِنْهَا … وَيُلْفِيَها النِّفَاقُ مِنَ الصِّعَابِ

تُرَاعِي الصِّدْقَ فِيمَا تَدَّعِيهِ … وَتَأْنَفُ خُطَّةَ المَدْحِ الكِذَابِ

وَعِنْدَ اللهِ أَنِّي لاَ أٌرَجِّي … لَدَى غَيْرِي عَلَيْهَا مِنْ ثَوَابِ

ومَا أَنَا في المَقَالَةِ بالمُدَاجِي … وَلاَ أَنَا فِي الشَّهَادَةِ بالمُحَابِي

لِتَهْنِئْكِ السَّلاَمَة كُلَّ حِينٍ … وَدُمْتِ الدَّهْرَ عَالِيَةَ الجَنَابِ

إلىَ ذَاكَ المَقَامِ الْحَمدْ يُهْدَى … وَعَنْ ذَاكَ المَقَامِ الذَّمُّ نَابِي