تهوى وأنت محلأٌ مصدودُ – مهيار الديلمي

تهوى وأنت محلأٌ مصدودُ … ماءَ النقيب وإنه مورودُ

و يقرُ عينك والوصالُ مصوحٌ … غصنٌ يرفُّ على الحمى ويميدُ

و إذا رغبتَ إلى السحاب فحاجة ٌ … لك ما يصوب على الغضا ويجودُ

ما ذاك إلا أن عهدك لم يحلْ … أفما لحيًّ في النخيل عهودُ

و من الشقاوة حافظٌ متجنبٌ … يقضي عليه غادرٌ مودودُ

قسما ولم أقسمْ بسكانِ الحمى … عن ريبة ٍ لكنه تأكيدُ

لهمُ وإن منعوا مكانُ مطالبي … و همُ وإن كرهوا الذين أريدُ

أتنسمُ الأرواحَ وهي رواكدُ … منهم وتجدبُ أرضهم فأرودُ

و أكذبُ الواشي إليّ بغدرهم … و على الحديثِ دلائلٌ وشهودُ

فهم الصديقُ ولا مودة َ عندهم … و هم الأقاربُ والمزارُ بعيدُ

و بأيمنِ العلمين من أبياتهم … ظبيٌ يصادُ الظبيُ وهو يصيدُ

لاهٍ إذا جمع الرجالُ حلومهم … حل العزائمَ خصرهُ المعقودُ

يرمي القلوبَ وما دمٌ بمطوحٍ … ما لم ترقه مقلة ٌ أو جيدُ

وعدَ الوفاءَ وليس منه فغرني … و من السراب إذا اغتررتَ وعودُ

أعنو له وأنا العزيزُ بنفسه … و ألينُ عمدا والفؤادُ جليدُ

و إذا عزفتُ فتبتُ من دين الهوى … جذبَ الغرامُ بمقودي فأعودُ

و لقد أحنّ إلى زرودَ وطينتي … من غير ما فطرتْ عليه زرودُ

و يشوقني عجفُ الحجازِ وقد ضفا … ريفُ العراق وظله الممدودُ

و يطربُ الشادي فلا يهتزني … و ينالُ منيّ السائقُ الغريدُ

ما ذاك إلاّ أنّ أقمارَ الحمى … أفلاكهنَّ إذا طلعنَ البيدُ

طفق العذولُ وما ارتفدتُ برأيه … فيهن يبدئُ ناصحا ويعيدُ

فأنا الذي صدعَ الهوى في أضلعي … ما لا يلمُّ العذلُ والتفنيدُ

يا صاحِ هل لك من خليلٍ مؤثرٍ … راضٍ بأن يشقى وأنت سعيدُ

متقلقلٍ حتى تقرَّ وربما … بقى رقادك ساهرٌ مجهودُ

يلقى َ القواذعَ أو يقيك لسانهُ ال … مشهورُ فيك وعزمهُ المشدودُ

كذبالة ِ المصباحِ أنت بضوئها … في الليلة الظلماء وهي وقودُ

من دون عرضك نثلة ٌ منضوضة … منه وإن لم يقضها داودُ

قلَّ الثقاتُ فإن علقتَ بواحدٍ … فاشدد يديك عليه فهو وحيدُ

لا يبعد اللهُ الألى حفظ العلا … بيتٌ لهم حولَ النجوم مشيدُ

و إذا اقشعرّ العامُ أغدقَ من ندى … أيديهم الوادي ورفَّ العودُ

و إذا سرى نقصُ القبائل أقبلتْ … تنمى المكارمُ فيهمُ وتزيدُ

لا يعدمُ الجودَ الغريبُ ومنهمُ … شخصٌ على وجه الثرى موجودُ

بيتٌ بنو عبدِ الرحيم طنوبهُ … و أبوهمُ ساقٌ له وعمودُ

تطغى رياحُ البرَّ فيه عواصفا … و لها بأثناء البيوت ركودُ

من حولهِ غررٌ لهم وضاحة ٌ … تبيضّ منهنّ الليالي السودُ

و إذا أناخ به الوفودُ رأيتهم … كرما قياما والوفودُ قعودُ

فإذا أردتَ طروقهُ لملمة ٍ … فأبو المعالي بابهُ المقصودُ

جاراهمُ فأراك غائبَ أمسهم … رؤيا الزيادة يومهُ المشهودُ

و مضى َ يريدُ النجمَ حتى جازه … شوطا فقال النجمُ أين تريدُ

شرفٌ كمالُ الملك في أطرافه … حامٍ عن الحسب الكريم يذودُ

فصحَ البوازلَ وهو قارحُ عامه … و أجابَ داعي الشيبِ وهو وليدُ

يقظانُ يقدح في الخطوب بعزمة ٍ … تسري به وبنو الطريق هجودُ

عشقَ العلا وسعى فأدرك وصلها … متروحا وحسودهُ مكدودُ

و وفى بأشراطِ الكفاية ِ داخلا … من بابها ورتاجها مسدودُ

عبقٌ بأرواح السيادة عطفه … فكأنه في حجرها مولودُ

لو طاول الغمرُ المغفلُ خلقه … شيئا تعلَّم منه كيفَ يسودُ

هشٌّ لصدر اليوم إما مالهُ … فيه وإما قربه المنقودُ

لا قبلَ نائله إذا سئل الندى … وعدٌ ولا قبل اللقاءِ وعيدُ

و إذا الخلالُ الصالحاتُ تكاملتْ … فهي الشجاعة ُ أو أخوها الجودُ

أفنى الثراءَ على الثناءِ وعلمهُ … أنّ الفناءَ مع الثناء خلودُ

و لربما بلي البخيلُ بموقفٍ … يخزيه فيه مالهُ المعبودُ

لك من خلائقه إذا مارسته … جنبانِ ذا سهلٌ وذاك شديدُ

فمع الحفيظة قسوة ٌ وفظاظة ٌ … حتى كأنّ فؤاده جلمودُ

و مع المودة هزة ٌ وتعطفٌ … فتقول غصنُ البانة الأملودُ

يا أسرة َ المجدِ التي لم تنتبهْ … عن مثلها الأيامُ وهي رقودُ

كفي الزمانُ العينَ في أعيانكم … إن الزمانَ عليكمُ محسودُ

لولاكمُ نسيَ الثناءُ ولم يكن … في الناس لا رفدٌ ولا مرفودُ

و لكان قلُّ الفضلِ أو ميسورهُ … يفنى َ فناءَ كثيره ويبيدُ

بكمُ رددتُ يدَ الزمان وباعهُ … متوسعٌ بمساءتي ممدودُ

و حملتُ مضعوفا ثقائلَ خطبه … و هي التي توهي القوى وتؤودُ

و خلطتموني بالنفوس فمن يقعْ … جنباً فإني منكمُ معدودُ

و إذا تلونَ معشرٌ بتلونِ ال … دُّنيا فعهدي فيكم المعهودُ

و عنيتَ أنت بخلتي فسددتها … و نظمتها بالجودِ وهي بديدُ

و إذا تقاعدَ صاحبٌ عن نصرتي … فالنصرُ حظى منكَ والتأييدُ

فلأجزيتك خيرَ ما جازى امرؤٌ … وجدَ المقال فقالَ وهو مجيدُ

مما يخالُ قوافيا ومعانيا … بالسمعِ وهو حبائرٌ وبرودُ

و يكون زادَ السفرِ في ليل الطوى … و يقادُ تتبعه المهاري القودُ

من كلَّ مخلوعٍ عذارُ محبها … فيها ومعذورٍ بها المعمودُ

و كأنها بين الشفاهِ قصائداً … فوق النحورِ قلائدٌ وعقودُ

عذراء تحسدها إذا أنصفتها … أوقاتها منك الكعابُ الرودُ

يحتثها شوقا لك النيروزُ أو … يأتي فيطلعها عليك العيدُ

لك من بشائرها الخلودُ ودولة ٌ … تمضي بها الأيامُ ثم تعودُ

ما أحسبُ الدنيا تطيب وأمرها … إلاَّ إلى تدبيركم مردودُ

فبقيتم والحاسدون علاكمُ … لا خيرَ فيما ليس فيه حسودُ