تنويمة الجياع – محمد مهدي الجواهري

نامي جياعَ الشَّعْبِ نامي … حَرَسَتْكِ آلِهة ُالطَّعامِ

نامي فإنْ لم تشبَعِي … مِنْ يَقْظةٍ فمِنَ المنامِ

نامي على زُبَدِ الوعود … يُدَافُ في عَسَل ِ الكلامِ

نامي تَزُرْكِ عرائسُ الأحلامِ … في جُنْحِ الظلامِ

تَتَنَوَّري قُرْصَ الرغيفِ … كَدَوْرةِ البدرِ التمامِ

وَتَرَيْ زرائِبَكِ الفِساحَ … مُبَلَّطَاتٍ بالرُّخَامِ

نامي تَصِحّي نِعْمَ نَوْمُ … المرءِ في الكُرَبِ الجِسَامِ

نامي على حُمَةِ القَنَا … نامي على حَدِّ الحُسَام

نامي إلى يَوْمِ النشورِ … ويومَ يُؤْذََنُ بالقِيَامِ

نامي على المستنقعاتِ … تَمُوجُ باللُّجَج ِ الطَّوامِي

زَخَّارة ً بشذا الأقَاحِ … يَمدُّهُ نَفْحُ الخُزَامِ

نامي على نَغَمِ البَعُوضِ … كأنَّهُ سَجْعُ الحَمَامِ

نامي على هذي الطبيعةِِ … لم تُحَلَّ به “ميامي “

نامي فقد أضفى “العَرَاءُ” … عليكِ أثوابَ الغرامِ

نامي على حُلُمِ الحواصدِ … عارياتٍ للحِزَامِ

متراقِصَاتٍ والسِّيَاط ُ … تَجِدُّ عَزْفَاً ﺑﭑرْتِزَامِ

وتغازلي والنَّاعِمَات … الزاحفاتِ من الهوامِ

نامي على مَهْدِ الأذى … وتوسَّدِي خَدَّ الرَّغَامِ

وﭐستفرِشِي صُمَّ الحَصَى … وَتَلَحَّفي ظُلَلَ الغَمَامِ

نامي فقد أنهى ” مُجِيعُ … الشَّعْبِ ” أيَّامَ الصِّيَامِ

نامي فقد غنَّى ” إلهُ … الحَرْبِ” ألْحَانَ السَّلامِ

نامي جِيَاعَ الشَّعْبِ نامي … الفَجْرُ آذَنَ ﺑﭑنْصِرامِ

والشمسُ لنْ تُؤذيكِ بَعْدُ … بما تَوَهَّج من ضِرَامِ

والنورُ لَنْ “يُعْمِي” جُفوناً … قد جُبِلْنَ على الظلامِ

نامي كعهدِكِ بالكَرَى … وبلُطْفِهِ من عَهْدِ “حَامِ”

نامي.. غَدٌ يسقيكِ من … عَسَلٍ وخَمْرٍ ألْفَ جَامِ

أجرَ الذليلِ وبردَ أفئدةٍ … إلى العليا ظَوَامِي

نامي وسيري في منامِكِ … ما استطعتِ إلى الأمامِ

نامي على تلك العِظَاتِ … الغُرِّ من ذاك الإمامِ

يُوصِيكِ أن لا تطعمي … من مالِ رَبِّكِ في حُطَامِ

يُوصِيكِ أنْ تَدَعي المباهِجَ … واللذائذَ لِلئامِ

وتُعَوِّضِي عن كلِّ ذلكَ … بالسجودِ وبالقيامِ

نامي على الخُطَبِ الطِّوَالِ … من الغطارفةِ العِظَامِ

نامي يُسَاقَطْ رِزْقُكِ الموع … ودُ فوقَكِ ﺑﭑنتظامِ

نامي على تلكَ المباهجِ … لم تَدَعْ سَهْمَاً لِرَامِي

لم تُبْقِ من “نُقلٍ” يسرُّكِ … لم تَجِئْهُ .. ومن إدَامِ

بَنَتِ البيوتَ وَفَجَّرَتْ … جُرْدَ الصحارى والموامي

نامي تَطُفْ حُورُ الجِنَانِ … عليكِ منها بالمُدَامِ

نامي على البَرَصِ المُبَيَّضِ … من سوادِكِ والجُذَامِ

نامي فكَفُّ اللهِ تغسلُ … عنكِ أدرانَ السَّقَامِ

نامي فحِرْزُ المؤمنينَ … يَذُبُّ عنكِ على الدَّوَامِ

نامي فما الدُّنيا سوى “جس … رٍ” على نَكَدٍ مُقَامِ

نامي ولا تتجادلي … القولُ ما قالتْ “حَذَامِ”

نامي على المجدِ القديمِ … وفوقَ كومٍ من عِظَامِ‏

تيهي بأشباهِ العصامِيّينَ … منكِ على “عِصَامِ”

الرافعينَ الهَامَ من جُثَثٍ … فََرَشْتِ لَهُمْ وهَامِ

والواحمينَ ومن دمائِكِ … يرتوي شَرَهُ الوِحَامِ

نامي فنومُكِ خَيْرُ ما … حَمَلَ المُؤَرِّخُ من وِسَامِ

نامي جياعَ الشعبِ نامي … بُرِّئْتِ من عَيْبٍ وذَامِ

نامي فإنَّ الوحدةَ العصماءَ … تطلُبُ أنْ تنامي

نامي جِيَاعَ الشَّعْبِ نامي … النومُ مِن نِعَمِ السلام

تتوحَّدُ الأحزابُ فيه … ويُتَّقَى خَطَرُ الصِدامِ

تَهْدَا الجموعُ بهِ وتَستغني … الصُّفوفُ عَنِ ﭐنقسامِ

إنَّ الحماقةَ أنْ تَشُقِّي … بالنُهوضِ عصا الوئامِ

والطَّيْشُ أن لا تَلْجَئِي … مِن حاكِمِيكِ إلى احتكامِ

النفسُ كالفَرَسِ الجَمُوحِ … وعَقْلُها مثلُ اللجامِ

نامي فإنَّ صلاحَ أمرٍ … فاسدٍ في أن تنامي

والعُرْوَةُ الوثقى إذا استيقَظْ … تِ تُؤذِنُ بانفصام

نامي وإلا فالصُّفوفُ … تَؤُول منكِ إلى ﭐنقِسامِ

نامي فنومُكِ فِتْنَة ٌ … إيقاظُها شرُّ الأثامِ

هل غيرُ أنْ تَتَيَقَّظِي … فتُعَاوِدِي كَرَّ الخِصامِ

نامي جياعَ الشعبِ نامي … لا تقطعي رِزْقَ الأنامِ

لا تقطعي رزقَ المُتَاجِرِ ، … والمُهَنْدِسِ ، والمُحَامِي

نامي تُرِيحِي الحاكمينَ … من ﭐشتباكٍ والتحَامِ

نامي تُوَقَّ بكِ الصَّحَافَةُ … من شُكُوكٍ واتِّهَامِ

يَحْمَدْ لكِ القانونُ صُنْعَ … مُطَاوِعٍ سَلِسِ الخُطَامِ

خَلِّ “الهُمَامَ” بنومِكِ … يَتَّقِي شَرَّ الهُمَامِ

وتَجَنَّبِي الشُّبُهَاتِ في … وَعْيٍ سَيُوصَمُ ﺑﭑجْتِرَامِ

نامي فجِلْدُكِ لا يُطِيقُ … إذا صَحَا وَقْعَ السِّهَامِ

نامي وخَلِّي الناهضينَ … لوحدِهِمْ هَدَفَ الرَّوَامِي

نامي وخَلِّي اللائمينَ … فما يُضِيرُكِ أن تُلامِي

نامي فجدرانُ السُّجُونِ … تَعِجُّ بالموتِ الزُّؤَامِ

ولأنتِ أحوجُ بعدَ أتعابِ … الرُّضُوخِ إلى جِمَامِ

نامي يُرَحْ بمنامِكِ “الزُّعَمَ … اءُ” من داءِ عُقَام

نامي فحقُّكِ لن يَضِيعَ … ولستِ غُفْلاً كالسَّوَامِ

إن “الرُّعَاةَ” الساهرينَ … سيمنعونَكِ أنْ تُضَامِ

نامي على جَوْرٍ كما … حُمِلَ الرَّضِيعُ على الفِطَامِ

وَقَعي على البلوى كما … وَقَعَ “الحُسامُ” على الحُسامِ

نامي على جَيْشٍ مِنَ … الآلامِ محتشدٍ لُهَامِ

أعطي القيادةَ للقضاءِ … وحَكِّمِيهِ في الزِّمَامِ

واستسلمي للحادثاتِ … المشفقاتِ على النِّيَامِ

إنَّ التيقظَ لو علمتِ … طليعةُ الموتِ الزؤامِ

والوَعْيُ سَيْفٌ يُبْتَلَى … يومَ التَّقَارُعِ ﺑﭑنْثِلامِ

نامي شَذَاةَ الطُّهْرِ نامي … يا دُرَّةً بينَ الرُّكَامِ

يا نبتةَ البلوى ويا … ورداً ترعرعَ في ﭐهتضامِ

يا حُرَّةً لم تَدْرِ ما … معنى ﭐضطغانٍ وانتقامِ

يا شُعْلَةَ النُّورِ التي … تُعْشِي العُيُونَ بلا اضطرامِ

سُبحانَ رَبِّكِ صُورةً … تزهو على الصُّوَرِ الوِسَامِ

إذْ تَخْتَفِينَ بلا اهتمامٍ … أو تُسْفِرينَ بلا لِثَامِ

إذْ تَحْمِلِينَ الشرَّ صابرةً … مِنَ الهُوجِ الطَّغامِ

بُوركْتِ من “شَفْعٍ ” فإنْ … نزلَ البلاءُ فمن “تُؤَامِ”

كم تصمُدِينَ على العِتَابِ … وتَسْخَرينَ من الملامِ

سُبحانَ ربِّكِ صورةً … هي والخطوبُ على انسجامِ

نامي جياعَ الشعبِ نامي … النومُ أَرْعَى للذِّمَامِ

والنومُ أَدْعَى للنُزُولِ … على السَّكِينَةِ والنِّظَامِ

نامي فإنَّكِ في الشَّدائدِ … تَخْلُصِينَ من الزِّحَامِ

نامي جياعَ الشَّعْبِ لا … تُعْنَيْ بِسَقْطٍ من كلامي

نامي فما كانَ القَصِيدُ … سوى خُرَيْزٍ في نظامِ

نامي فقد حُبَّ العَمَاءُ … عَنِ المساوىء والتَّعَامِي

نامي فبئسَ مَطَامِعُ الواعِي … نَ من سَيْفٍ كَهَامِ

نامي: إليكِ تحيّتِي … وعليكِ، نائمةً سلامي

نامي جياعَ الشَّعْبِ نامي … حَرَسَتْكِ آلهةُ الطعامِ