تميلُ بالأفلاكِ مثلي آمالُ – مصطفى صادق الرافعي
تميلُ بالأفلاكِ مثلي آمالُ … فيُظلمُ أم هذي الحنادسُ أهوالُ
تبوأ عرشَ الشمسِ غصباً وردَّها … لها الغربُ والإظلامُ سجنٌ وأغلالُ
وشد على هذا النهارِ فلم يقفْ … وأطلقَ من ساقِ النعامةِ أجفالُ
وشقَّ لهُ في الأفقِ فانسابَ هارباً … كما انسابَ في بطنِ الجداولِ سَلْسالُ
وذابَ الدجى أن تفزعِ الشمسُ فزعةً … تنيرُ لها من بعدِ ما اسودَّتِ الحالُ
يوصدُ أبوابَ السماءِ وإنما … عليهنَّ من هذي الكواكبِ أقفالُ
ولو كانَ ذا قلبٍ شجيٍّ لظنَّها … مليكاً في هيكلِ الحسنِ تمثالُ
وما خلتُ هذا الكونَ إلا كوجنةٍ … عليها الدُّجى فيما أشبههُ خالُ
فيا شمسُ هل مزّقتِ ثوبكِ عندما … نُكبتِ وهذا الغيمُ في الأفقِ أذيالُ
أم انتشرتْ منكِ الحليُّ لعثرةٍ … وهذا الهلالُ الساقطُ النصفِ خلخالُ
وهل حالَ منكِ الوجدُ فازددتِ صفرةً … وحولكِ من هذي النسائمِ عذالُ
لئن صرتِ معطالاً فكلُّ مليحةٍ … كمثلكِ تمضي للكرى وهيَ معطالُ
تُودِّعُكِ الدنيا وتستقبلُ الدُّجى … كما ودَّعَ الأمَّ الرحيمةَ أطفالُ
وما الليلُ إلا ظلمةُ الهمِّ عندَ من … أقامَ وأوفى من يحبُّهم زالوا
علامَ يطيلُ الليلُ بي من وقوفهِ … فهلْ أنا مما شفًّني الحبُّ أطلالُ
كأني بهذا الليلِ قد كانَ وجهُهُ … لأهلِ الهوى فالاً وقد صدقَ الفالُ
مساكينَ يحتالونَ فيما أصابهم … وفي أمرهمْ دهرٌ كذلكَ يحتالُ
فيا ليلُ خلِّي الصبحَ يهدي نفوسَنا … إلينا فأرواحُ الورى فيكَ ضُلاَّلُ
ولستُ بمكسالٍ تدلُّ وإن تكنْ … فما أقبحَ الوصفينِ سوداءَ مكسالُ