تمنَّى رجالٌ أن تزلَّ بيَ النعلُ – مهيار الديلمي
تمنَّى رجالٌ أن تزلَّ بيَ النعلُ … ولم تمش في مجدٍ بمثلي لهم رجلُ
وعابوا على هجرِ المطامع عفّتي … وللهجرُ خيرٌ حين يزري بك الوصلُ
وسمَّوا إبايَ الضيمَ كبرا ولا أرى … حطيطة َ نفسي وهي تنهض أن تعلو
لئن أكلوا بالغيب لحمى فربما … حضرتُ فخان المضغ واستؤنيَ الأكلُ
وكم دونهم لي من خلائقَ مُرّة ٍ … إذا أنصفوها استثمروها جنى ً يحلو
يقولون طامن بعضَ ما أنت شامخ … بنفسك إنّ الرُّخصَ غاية َ ما يغلو
إذا كان عزّى طاردا عنّي الغنى … فلله فقرٌ لا يجاوره الذلُّ
عليَّ اجتناءُ الفضل من شجراته … ولا ذنبَ إن لم يجنِ حظّا ليَ الفضلُ
خلقتُ وحيدا في ثيابِ نزاهتي … غريباً وأهلُ الأرض لو شئت لي أهلُ
وفي الناس مثلي مقترون وإنما … أزاد جوى ً أن ليس في الفضل لي مثلُ
خفيتُ وقد أوضحتُ نهجَ شواكلٍ … تريد عيوناً وهي للعلم بي سبلُ
وعلّقتُ بالأسماع كلَّ غريبة ٍ … بأمثالها لم تفترعْ أذنٌ قبلُ
ولم آلُ في إفهامهم أين موضعي … ولكنّهم دقّوا عن الفهم أو قلّوا
يريدونني أن أشريَ المالَ سائلا … بعرضي وطيبُ الفرع أن يُحفظ الأصلُ
ويقبحُ عندي والفتى حيثُ نفسهُ … سؤالُ البخيلِ مثلما يقبحُ البخلُ
ولي منه إما المنع والعذرُ بعده … يُلفَّقُ مكذوبا أو المنُّ والبذلُ
أرى الحلمَ أدواني وعوفيَ جاهلٌ … وما العيشُ إلا ما رمى دونه الجهلُ
صعبتُ فلو ما كان شيء يردّني … إلى السهل ردّتني له الأعينُ النُّجلُ
ويا قلَّما أعطي الهوى فضلَ مقودي … فإن أعتلقْ حبّا فيا قلَّما أسلو
وكم تحت درعي باللوى من جراحة ٍ … لعجماءَ ما فيها قصاصٌ ولا عقلُ
وهيفاءَ يروى الخوطُ عنها اهتزازه … ويسرقُ من ألحاظها لونه الكحلُ
أشارت وحولي في الظعائن أعينٌ … محاجرها غيظٌ وأفئدة غلُّ
تخفَّفْ بفيض الدمع من ثقل الجوى … تجدْ راحة ً إن الدموع هي الثّقلُ
أخوّفها بالخيف ها أنّ دارنا … حرامٌ فمن أفتاكِ أن دمي حلُّ
دعيني أعش قالت دع الوجد بي إذن … فقلت لها أقررتِ أن الهوى قتلُ
وواشٍ بها لم تخدع الشوقَ كامناً … رقاهُ ولم يخصم بإغوائه الخبلُ
تحبَّب في عذلي ليبردَ لوعتي … فبغَّضه أن الهوى جمره العذلُ
يلوم وسوَّى عنده الناسَ ظنُّه … تبيَّنْ على من لمتني إنها جملُ
يجرِّب دهري كيف صبري وإنما … يجرَّبُ ما لم يُختبرْ حدُّهُ النصلُ
تبلَّغْ ببعض الرزق إن عزَّ كلُّه … وتوصلُ رُمّاتٌفيبلغك الحبلُ
ولولا الفضولُ لم تكن غيرُ حاجة ٍ … إذا الكثرُ لم يسنح لها سدّها القلُّ
وكنتُ متى استصرختُ نصرة َ صاحبٍ … على ساعة ٍ لا يرتجي غيثها المحلُ
كفتني يداه في الندى كلَّ طلقة ٍ … مقبَّلة ٍ على مكارمها كلُّ
وأرفد ظهري أن تشلّ جوانبي … أخٌ ما أخي منه لظهرِ أبي نسلُ
أخ لاحمت بيني الشُّكول وبينه … لكل فتى من نسج شيمته شكل
ذهبنا بها حيث الصفاء ولم نكن … لنذهبَ فيها حيث يرسلنا الأصلُ
أذمَّ ابن أيّوبٍ على ما عقدته … به من جوارٍ ذمَّة ً ليس تنحلُّ
على اليسر والإعسار كيف احتلبتهُ … ملأتُ وطابى ثم أخلافه حفلُ
ضمانٌ عليه أنّ عيني قريرة ٌ … تنام وقلبي من وساوسه يخلو
سليم الوفاء أملسُ العرض لو مشى … ليدرج في أحسابه ما مشى النملُ
مفدّى ً بأفراد الرجال مفضّلٌ … لمطريه من آثاره شاهدٌ عدلُ
كأنّ فتيَّ الأقحوانِ على الندى … يشاب بمسكٍ خلقه الباردُ السهلُ
بليلُ البنانِ يقبض التربَ يابسا … ويفرجُ عنه وهو أخضرُ مبتلُّ
كأنّ سجاياه ونجحُ عداته … خلقن ولم يُخلقْ نفاقٌ ولا مطلُ
من القوم لم يستنزلوا عن علائهم … ولم تُغتصبْ منهم دياتٌ ولا ذحلُ
إذا فُزِّعوا طاروا نفيرا فأكثروا … عديداً وإن نودوا لمطعمة ٍ قلّوا
نديُّهمُ وهمْ جميعٌ موقَّرٌ … ويومُ الخصام صوتُ فذّهمُ يعلو
ولا ينطقون الهجر إن أحرجوا له … بأحلامهم عن فحش أقوالهم فضلُ
يروض الجيادَ والقراطيسَ منهمُ … فوارسُ لا ميلُ السروج ولا عزلُ
إذا طاعنوا كان الطعانُ بلاغة ً … وإن كاتبوا كان الكتابُ هو القتلُ
تكهِّلُ أبناءَ الرجال سنوهمُ … وطفلهمُ ما عدَّ من سنة ٍ كهلُ
علقتك من دهري علوقَ مجرِّبٍ … تعوَّد لا يغلو هوى ً دون أن يبلو
وأوجبَ نذري فيك أن صار بالغا … تجمعنا ما تبلغ الكتب والرسلُ
فراقٌ جنى ثم ارعوى فتفرَّقتْ … غيايتهُ وانضمّ من بعده الشملُ
جرى الماءُ لي مذ أبت بعد جفوفه … وعاد كثيفا بعد ما انتقلَ الظلُّ
فإن أنا لم أشكر زمانيَ بالذي … شكوتُ فلا عهدٌ لديَّ ولا إلُّ
وأنّ اليد البيضاء في عنق الفتى … إذا هو لم يجزِ الثناءَ بها غلُّ
وإن لم أعوِّذ ودَّنا بتمائم … لإيثاقها في عقدِ كلِّ نوى ً حلُّ
نوافذ ما لا ينفذ السحرُ والرُّقى … قواطع ما لا يقطع السيلُ والرملُ
ترى العرضَ منها ذا فرائد حاليا … ولو أنه عريانُ من شرفٍ عطلُ
بداوتها تستصحب الجدَّ كلَّه … وحاضرها طبعٌ يرى أنه الهزلُ
تزورك منها كلَّ يوم هديَّة ً … هديٌّ متى تعدمْ فليس لها بعلُ