تروَّح من وجرة َ الظاعنونا – مهيار الديلمي
تروَّح من وجرة َ الظاعنونا … فكان الذي ساءني أن يكونا
يميناً لعزَّ مرامُ السل … وِّ أن تتركوا جنبَ خبتٍ يمينا
هوى ً بعدهم أمم لا يري … م يسألُ عنهم مزارا شطونا
رميتُ بطرفي ومن مثل ما … جنى تتشكَّى القلوبُ العيونا
وراءَ الحمولُ إلى أن قتل … تُ شكَّ الفراقِ بعيني يقينا
وقد مات إنسانها حيرة ً … فغادرته في دموعي دفينا
وفي الركب معرفة ُ الإنتساب … إذا ما القدود ادَّعين الغصونا
إذا شعشعتْ قبسى وجهها … عنت لهما بقرُالرمل عينا
تشير إليَّ بأسروعة ٍ … تكاد وما أفصحتْ أن تُبينا
إذا خشيتْ ظمأً لم يزل … لها مددٌ من دمِ العاشقينا
أناملُ يبسطنَ رسلَ الوفاءِ … إليَّ ويقبضنَ للكاشحينا
فتاة ٌ رأت خطلاً في القناة … فألقتْ عليها اعتدالا ولينا
تنغَّصُ بالوردِ في خدّها … إذا لم تجدني في المجتنينا
إذا قلَّبتْ قدما أو يداً … تمنت يدي قلباً أو برينا
وتحت الرحالِ صعابُ الخطا … يدسنَ سهولَ الفيافي حزونا
سواءٌ عليهن يومَ الوداع … حذينَ دماً أو لبينٍ حدينا
إذا ما افتلين جمام الريا … ض أجممنها واجتررن البطونا
ذوى البقلُ من حرِّ أنفاسهنَّ … كأنِّي أعديتهنّ الحنينا
حمى اللهُ والعربيُّ الذما … مِ عهدا على وجرة ٍ أن يمينا
وحيّا وجوها تميميَّة ً … صرائحَ ما كان حسنٌ هجينا
مزجنَ الجمالَ بماء الحيا … ءِ لو رفق المزجُ بالشاربينا
وأرهفنَ قبلُ نصولَ العيون … فقدّتْ ولم تتخاذلْ طعينا
ألا طرباً يا مغنِّي القلاصِ … بهم وهى تصعبُ حتى تلينا
أعدْ إنّ ذكرهمُ عوذة ٌ … ولا تحسب الحبَّ إلا جنونا
حنتنى الخطوبُ فما لي ألوم … على سرعة الهرمِ الأربعينا
وأعجبُ من قبلها كيف شب … تُ والشيبُ لا يستشير السنينا
لئن أكثرتْ عثراتُ الخطوب … بحظِّي جرائحها والوهونا
فقد فرَّ منّى لجاجَ الزما … نِ قارحُ عشرٍ أبيّاً حرونا
سلِ الحادثاتِ على ما غمز … نَ جنبي هل وجدَ الغمز لينا
وهل سمعتْ لي إلى أن بعث … تُ في أهل ودِّي لشكوى أنينا
فيا ليتها قنعتْ في الخطوب … بنفسي ورفَّهت الآخرينا
ويا ليتها حين لم تنتفع … بحربي تجنحُ للسّلم حينا
وقد جرَّبتني قرنا فما … وفتْ بي فهلاّ اجتبتني قرينا
وفيتُ بدهري وأيامه … ولكن عجزتُ عن الحاسدينا
وكيف يصحُّ بياضُ الوفا … ءِ يوما على كثرة الصابغينا
إذا كشفَ الخبْرُ عيبَ الرجال … فدامجْ ودعْ كلَّ عيبٍ ظنونا
لحا الله كلَّ أجبِّ الحفاظ … بعيدا من الرشد عقلا ودينا
يُعدُّ الكرامة َ وجهَ النفاق … ويرضى بأفعاله أن يهونا
تكلَّم حلوا وتحت الضلو … عِ حنظلة ُ الشرِّ للماضغينا
إذا بتَّ تأمنُ وثباته … لقاءً خبا لك خبئا كمينا
كصلِّ الحماطة يطوى الحما … مَ صعبا ويُعطيك باللمس هونا
يبيتُ يراقبُ أنَّى تعنُّ … له هفوة ٌ منك حتى يخونا
تعلَّمتُ من غدره باسما … بأنّ الوفاءَ مع القاطبينا
عقاربُ أطمعها لسبها ال … حفاة َ فدبَّتْ إلى الناعلينا
علا حظُّهم ووهى مجدهم … فقد وألوا من فمي سالمينا
ولم أكُ مع غضبي إن غضبتُ … لأهتكَ إلاّ حريما مصونا
وقد كنتُ أمضغهم بالهجا … ء لو أكلَ الشعرُ منهم سمينا
أصون لساني عن الغادري … ن صونَ طلابي عن الباخلينا
حرامٌ عليَّ اجتداءُ الرجا … ل لا مانعين ولا باذلينا
إذا أنا يوما سألتُ الجوادَ … حرصتُ غداً فسألتُ الضنينا
بلى إنَّ في آلعبد الرحيم … مكارمَ تفسحُ للراغبينا
وبينَ بيوتهمُ للضيوفِ … جفاناً عماقا وسرحا لبونا
وأندية ً تسعُ السامعين … قرى ً وجوها تضيف العيونا
وسيبا يبرُّ له المقسمو … ن لا وردوا الماءَ إلا معينا
ذعرتُ زماني بأسمائهم … فكنَّ من الدهر دونى حصونا
وفرَّق عزُّهمُ النائبا … تِ عنّى وقد بتنَ حولى عزينا
وحمَّلتُ ثقليعميدَ الكفا … ة ِ منهم فكان القويَّ الأمينا
من القومِ تشرق نيرانهم … على النجم إن طامن الموقدونا
وتأرجُ أرواحُ أبياتهم … رسائلَ عنهم إلى الطارقينا
إذا ما رأيتَ ازدحامَ الحقوق … عليهم عجبتَ لهم ثابتينا
ومن أذكيتْ نارهُ باليفا … عِ في القُرِّ زاحمه المصطلونا
مساميحُ لم يعرُقوا بالعضا … ضِ أيديهم في ندى ً نادمينا
ولم يدفعوا في صدورِ الحقوق … بعذرٍ وإن كان عذرا مبينا
يبيتون يعتلكون السيا … ط غرثى وهم يطردون السنينا
طوالُ الحمائلِ شمُّ الأنوفِ … يهابون رؤيا ويستحسنونا
إذا ركبوا مسحوا بالسحاب … وإن نزلوا خلتهم راكبينا
تفرَّعَ من شرفَيْ عيصهم … مصابيحُ مجد تضئ الدجونا
وكلُّ غلامٍ له حكمه … على الناس راضين أو كارهينا
إذا سكتَ انتظروا ما يقولُ … وإن قال دانَ له الناطقونا
تألَّقَ ينعتُ حسنا أباه … وميضَ السيوف يصفن القيونا
عميم الحياكعميدِ الكفاة ِ … ولا يسمُ الأرضَ إلا هتونا
لك اللهُ مبتدئا سؤدداً … تراجعَ عن شأوه المنتهونا
ومقتبل السِّنِّ فاق الكهولَ … فجاءوا على عقبه يحتذونا
فدى ً لك كلُّ قصير الفخا … رِ يهرب من ألسن الناسبينا
له حسبٌ في العلا أكمة ٌ … أضلّتْ محجَّته المهتدينا
إذا أيتم البخلُ سؤَّاله … فيكفيك فينا أبو السائلينا
وكلُّ ابنِ نقصٍ تمنَّى أبو … ه أنّ البنات له بالبنينا
إذا ما رأى منك ملءَ العيون … رأى منه ملءَ منى الشامتينا
لئن دبَّ دهرٌ إلى مجدكم … بنقصٍ يخافُ على الفاضلينا
ومدَّ إليكم غداة َ الصِّفاح … شمالا وكان يمدّ اليمينا
ونازعكم عن مقرّ العلا … ء غصباً وأنتم له مالكونا
فقدماً رآكم لأخلاقه … بحسن خلائقكم فاضحينا
يصيب فتجبرُ أيمانكم … مصابَ إساءته محسنينا
ويأخذ منّا وتعطوننا … ويجلبُ فينا فتستنجدونا
ولا بدّ للمجدِ من عوذة ٍ … إذا تمَّ تطرفُ عنه العيونا
وقد يُغمد السيفُ حتى يُشام … ويستتر البدرُ حتى يبينا
يظنُّ العدا أنكم تخشعون … وقد كذَّب اللهُ فيك الظنونا
ولا أبعد الله غيرَ التّلاد … إذا العرضُ أضحى منيعا مصونا
لئن سرَّ حاسدكم أن يرى … وفودكمُ مرَّة ً مخفقينا
فكم ليلة ٍ دونكم أنقبت … خوافي المناسم حتّى دمينا
ويوم سمومٍ يردّ القطا … على الماء كُدرا وقد كُنَّ جونا
حملنا إليكم على الكره فيه … جوادا أقبّ وعنسا أمونا
فردّ نوالكم اليعملا … تِ تعيى كراكرُهن المتونا
مواقرَ من جودكم لا تكاد … تقلُّ قلائدها والعهونا
كأنّا إذا أشرعت للورود … نحطُّ إلى الماء منها سفينا
فتلتُ من الناس حبلي بكم … وقلت لنفسي هم العالمونا
وبعتكمُ مهجتي طائعا … فو المجدِ ما كان بيعا غبينا
ولم أك حاشاي في الغادرين … بكمإن نبا الدهرُ والمارقينا
لساني لكم ذاك والنفسُ تلك … مضيقين في المال أو موسعينا
وأعلمُ أنّى لكم سالمٌ … وأعلمُ أنكمُ تعلمونا
وكم ليَ من مثلٍ سائرٍ … تظلُّ العداة ُ له آذنينا
لكم منه داعية ٌ في البلادِ … ويعطيكمُ إمرة َ المؤمنينا
أقومُ لكم بقوانينه … وأنطقُ ما دمتمُ تسمعونا
فلا عدم الوفدُ ناديكمُ … ولا استوحشتْ سبُلُ الرائدينا
وكان لكمْ من عثار الزمانِ … لعاً يومَ يعثر بالغافلينا
ولا راعنا قدرٌ فيكمُ … فإنَّ بكم نعمة َ الله فينا