تأسَّفَتْ جَارتي لمَّا رَأْتْ زَوَري – دعبل الخزاعي

تأسَّفَتْ جَارتي لمَّا رَأْتْ زَوَري … وعدَّتِ الحلمَ ذنباً غيرَ مغتفرِ

تَرجُو الصِّبا بَعدمَا شابَتْ ذَوَائِبُها … وقدْ جرتْ طلقاً في حلبة ِ الكبرَ

أَجارتي إِنَّ شَيبَ الرَّأْسِ نَفَّلني … ذِكرَ الْغواني، وأَرضاني مِنَ القَدَرِ

لو كُنتُ أَرْكُنُ للدُّنيا وزِينتِها … إِذنْ بكِيتُ على المَاضِينَ مِن نَفَرِي

أخنى الزمانُ على أهلي فصدعهم … تَصدعَ الشَّعْبِ لاقَى صَدمة َ الحجرِ

بَعضٌ أَقامَ، وبَعضٌ قد أَهَابَ بهِ … داعي المنية ِ ، والباقي على الأثرِ

أما المقيمُ فأخشى أنْ يفارقني ، … وَلَسْتُ أَوْبَة َ مَنْ ولَّى بمنتَظرِ

أصبحتُ أخبرُ عنْ أهلي وعنْ ولدي … كحالمٍ قصَّ رؤيا بعدَ مدَّكرِ

لولا تشاغلُ نفسي بالألى سلفوا … مِن أَهْلِ بَيتِ رَسُولِ اللّهِ لم أقرِ

وفي مواليكَ للمحزونِ مشغلة ٌ … منْ أنْ تبيتَ لمفقودٍ على أثرِ

كم مِن ذِراعِ لَهُمْ بالطَّفِّ بائِنَة ٍ … وعارضٍ منْ صعيدِ التربِ منعفرِ

أنسى الحسين ومسراهمْ لمقتلهِ … وهُمْ يَقُولونَ: هَذا سيِّدُ الْبَشَرِ

يا أُمة َ السُّوءِ ما جازَيتِ أَحمدَ عن … حسنِ البلاءِ على التنزيل والسُّورِ

خلفتموهُ على الأبناءِ حين مضى … خلافة َ الذئب في أبقار ذي بقرِ

وَلَيْسَ حيُّ مِنَ الأَحْياءِ نَعْلَمُهُ … منْ ذي يمانٍ ومنْ بكرٍ ومنْ مضرِ

إلاَ وهم شركاءٌ في دمائهمُ … كَمَا تَشَارك أَيْسارٌ عَلَى جُزُرِ

قَتْلاً وأَسْراً وتَحْرِيقاً ومَنْهبة ً … فِعْلَ الغُزاة ِ بأَرضِ الرُّومِ والخَزَرِ

أرى أمية َ معذورينَ إنْ قتلوا ، … ولا أرى لبني العباس منْ عذرِ

أَبناءُ حَربٍ ومَروانٍ وأُسْرَتُهمْ … بنو معيطٍ ، ولاة ُ الحقدِ والوغرِ

قومٌ قتلتمْ على الاسلامِ أولهمْ … حَتى إذا اسْتَمْكَنوا جَازَوا عَلَى الكُفر

أرْبِعْ بطُوسٍ عَلَى قَبرِ الزكيِّ بِها … إنْ كنتَ تربعُ منْ دينٍ على وطرِ

قٌبرانِ في طُوسَ: خيرُ الناسِ كلِّهُم … وقَبْرُ شرِّهُم، هذا مِن الْعِبَرِ

ما ينفعُ الرجسَ منْ قربِ الزكيَّ ، وما … على الزكيَّ بقربِ الرجسِ منْ ضررِ

هيهاتَ كلُّ امرىء ٍ رهنٌ بما كسبتْ … له يَدَاهُ، فَخُذْ مَا شِئْتَ أَو فَذَرِ