بِعِنَايَةِ اللّهِ الجَدِيدَةِ أَبْشِرِ – خليل مطران
بِعِنَايَةِ اللّهِ الجَدِيدَةِ أَبْشِرِ … وَاهْنَأْ بِطَالِعِهَا السِعيدِ المُسْفِرِ
جَاءَتْ عَلَى أَثرِ النَّجَاةِ فَضاعَفَتْ … مَعْنى رِعَايَةِ رَبِّكَ المتَكَبِّرِ
فَاحْمَدْ لِرَبِّكَ يَا مَلِيكِي فَضْلَهُ … فِيما بَدا مِنْهُ وَفِي المُتنَظَّرِ
أَرأَيْتَ يَا مَوْلاَيَ شَعْبَكَ مُعْرَبِاً … لك عَنْ هَوًىَ فِي صِدْقِهِ لَمْ تمْترِ
شَعْبٌ هُوَ الحرُّ اسْترقَّ لِبُؤْسِهِ … فأَعَدْتَهُ بِاليُسْرِ حقَّ محَرَّرِ
أَكرَمْتَهُ فرَفَعْتَه فِي نفْسِهِ … فَإِذَا تَفانَى فِي هَوَاكَ فَأَجْدِرِ
صَرَّفْتَ فِي إِصْلاَحِهِ وَصَلاَحِهِ … رِفْقَ الحَلِيمِ وَفِطْنَةَ المُتَبَصِّرِ
سُبْحَانَ مَنْ آتَاك جُودَ سَحَابَةٍ … وَجَلاَءَ صَمْصَامٍ وَهَيْبَةَ قَسْوَرِ
حَسْبُ الكِنانةِ أَنَها بِكَ أَصْبَحَتْ … قَطْبَ العُرُوبَةِ بَدْوِهَا وَالحُضَّرِ
تسْعَى مَمَالِكهَا إِليْكَ وَقدْ رَأَتْ … بِيَدَيْكَ رَايَةَ الاتَّحَادِ الأَكْبرِ
هَيْهَاتَ يُنسَى مِنْ جَمِيلِك مَا وَقى … لُبنانَ صَوْلَةَ الاِعْتِدَاءِ الأَنكرِ
مَا أَشبَهَ الفَاروقَ بِالفارُوقِ مِنْ … مُتَقَدِّمٍ عَهْداً وَمِنْ مُتأَخِّرِ
أَلعاهِلُ الوَرِعُ الَّذِي هُوَ قدْوَةً … وَهُدىً لِكلِّ مُهلِّلٍ وَمُكبِّرِ
أَوْلَى شُؤُونَ الدِّينِ جُهْداً جَاءَ فِي … عُنْوَانِهِ إِعْلاءُ شَأْنِ الأَزْهَرِ
هَلْ بِالكِنَانِة حَاجَةٌ لَمْ يَقْضِها … لِرُقِيِّهَا فِي مَخبَرٍ أَوْ مَظْهَرِ
تتسَاءَلُ الطَّبَقَاتُ أَيَّتُهَا الَّتِي … فَازَتْ مِنَ النُّعْمَى بِحظٍّ أَوْفَرِ
مَا فِي القَضَاءِ وَلاَ الإِدَارةِ عَامِلٌ … إِلاَّ واسْتَمَدَّ شُعَاعَ ذَاكَ النَّيِّرِ
فِي كلِّ أَجْزَاءِ الحكومَةِ أَمْرُهُ … كُلٌّ وَتصْدُرُ كُلُّهَا عَنْ مَصْدَرِ
أَنْمَى المَعَارِفَ وَالفُنُونَ وَأيُّهَا … فِي ظِلِّهِ وَبِفَضْلِهِ لَمْ يُزْهِرِ
مَنَحَ الريَاضَةَ فِي اخْتِلاَفِ ضُرُوبِهَا … حِسّاً وَمَعْنىً هِمَّةً لَمْ تُنْكَرِ
أَزْكَى ذَخَائِرَ الاقْتِصادِ زِرَاعَةً … وَصِنَاعَة بِعَزِيمَةٍ لَمْ تُذْخَرِ
أَوْفَى عَلَى جيْشٍ غَدا وَنِظَامُهُ … أَرْقَى مِثَالٍ فِي نِظَامِ العَسْكرِ
مسْتَكمِلٌ عُدَدَ الجِلادِ وَدونَهَا … بَأْسٌ كفِيلُ النَّصْرِ إِنْ لَمْ تَنْصُرِ
أَمَّا السَّوَادُ فَقَدْ جَبَاهُ مَلِيكُهُ … بِمَآثرٍ عَنْ غَيْرهِ لَمْ تُؤْثَرِ
كَثُرَتْ بِما يعْدُو مُناُه وَإِنَّمَا … هِي مِنْكَ يَا مَوْلاَيَ لَمْ تُسْتَكْثَرِ
أَوْرَدْتَهُ مِنْ نِيلِهِ مَاءً صَفَا … لِلوَارِدِينَ وَطَابَ طِيْبَ الكَوْثَرِ
وَغَذوْتَهُ وَكسَوْتَهُ وَأَسَوْتَهُ … وَكَفَيْتهُ عِلَلَ المَرِيضِ المُعْسِرِ
وَبَعَثْتَ هِمَّةَ كُلَّ مُقتَبَلِ الصِّبَا … وَغَمَرْتَ بِالأَلْطَافِ كُلَّ مُعَمَّرِ
جُودُ المَلِيكِ بِهِ الغَنَاءُ وَكَمْ يَد … قَدْ ضَاعَفَتْهَا فِطْنَةُ المُتَخَيِّرِ
مَنَحَ القِرَى أَهْلَ الدَّساكِرِ وَالقُرَى … وَالشَّهْرُ عِنْدَ اللّهِ خَيْرُ الأَشهُرِ
وَاسْتَمْتَعَ الطُّلاَّبُ حَولَ سِمَاطِهِ … بِالعِزِّ فِي ذَاكَ الجَنابِ الأَخْضَرِ
إِذْ يَطْعَمُ الفَمُ فِيهِ أَشْهَى مَطْعمٍ … وَالعَيْنُ تَنْظُرُ فِيهِ أَبْهى مَنْظَرِ
ويُثَابُ بِالإِقْبَالِ عَزْمُ مُبَرِّزٍ … وَيُحَثُّ بِالآمَالِ عَزْمُ مُقَصِّرِ
هَذا هُوَ الفَضْلُ الَّذِي مابَعْدَهُ … فَضلٌ وَليْسَ وَرَاءَهُ مِنْ مَفْخَرِ
فَارُوقُ عِشْ وَابْلُغْ نِهَايَاتِ العُلَى … وبِمَا تَشَاءُ مِنَ الأَمَانِيِّ اظْفَرِ
وَلْتهْنَإِ الدُّنْيَا بِنَسْلِكَ وَلَيَدُمْ … يُمْنُ التَّسلْسُلِ فِي شَرِيفِ العُنْصُرِ