بِرغْمِ المُنَى ذَاكَ الخِتَامُ المُحَيِّرُ – خليل مطران

بِرغْمِ المُنَى ذَاكَ الخِتَامُ المُحَيِّرُ … كِتَابُكَ تطْوِيهِ وَمَنْعَاكَ يُنْشَرُ

دَهَاكَ الرَّدَى فِي الرائِحِينَ فَرَاعَنا … كَأَنَّكَ غَادٍ فِي الصِّبَا فَمُبَكِّرُ

يَرَاعُكَ فِي الْيُمْنَى وَذِهْنُكَ حَاضِرٌ … وَعَزْمُكَ ذَاكَ الْعَزْمُ وَالْعُودُ أَنْضَرُ

أَعَنْ سَبْقِ إِحْسَاسٍ بِمَا كَانَ مُضْمِراً … زَمَانُكَ آثَرْتَ النَّوَى حِين تُؤْثِرُ

فَبِنْتَ وَلَمَّا يُرْهِقِ النَّاس دَهْرُهُمْ … بِنَكْبَاءَ لاَ يُحْصِي أَذَاهَا التَّصَوُّرُ

أَمِ اْلأَجَلُ الْمَحْتومُ حَلَّ وَلمْ تكن … بِماطِلِ حَقٍ يُقْتَضَى فَتُؤَخِّرُ

فَوَلَّيْتَ لَمْ يَعْصِمْكَ مُدَّخَرُ الْقُوَى … ولمْ يَتَمَالَكْ حِلمُكَ المُتَوقِّرُ

وَلَمْ يغْنِ مِنْكَ الْعِلْمُ وَالفَضْلُ سَاعَةً … فَيَا عُذْرَ منْ بِالعِلْمِ وَالفَضْلِ يكْفُرُ

أَلاَ إِنَّنِي غالَيْتُ فِيمَا شَكَوْتُهُ … ولَكِنَّ فِي نَفْسِي أَسىً يَتَفَجَّرُ

لَقَدْ أَرْخَصَ الْغَالِينَ مَوْتُ جُمُوعِهِمْ … وفقْدُكَ مَهْمَا يَعْمُمِ الْخَطْبُ يَكْبُرُ

قِفِ الآنَ وَانْظُرْ مَا بِإِثْرِكَ مِنَ سَنىً … كَذَاكَ تَشِعُّ الشُّهْبُ إِذْ تَتكَوَّرُ

قِفِ الآنَ وَاسْمَع وَقْعَ منْعَاكَ شَائِعاً … كَرَجْعِ الصَّدَى عَنْ شَامخٍ يَتَهوَّرُ

لقَدْ عَثَرَ البَنَّاءُ عَن أَوْجِ صَرْحِهِ … لَدُنْ كَادَ مِنْ أَعْلاَهُ بِالنجْمِ يَظْفَرُ

فَوَارَاهُ قَبْرٌ لاَ بَعِيدٌ قَرَارُهُ … وَلاَ سَقْفُهُ فَوْقَ الثَّرَى مُتكَبِّرُ

وَكَان أَبَرَّ النَّاسِ بِالأَهْلِ وَالْحِمى … وَبِالْقَوْمِ لاَ يَجْفُوا وَلاَ يَتَغَيَّرُ

ونِعْمَ الأَخُ الْوَافِي إِذَا مَا تَنَكَّرَتْ … لِصاحِبِهِ الأَيَّامُ لاَ يَتَنَكَّرُ

لَحِقتَ بِمَنْ أَرَّخْتَهُمْ فكَأَنَّهُمْ … لِدَاتٌ لِعَهْدٍ لَمْ تُفَرِّقْهُ أَدهُرُ

عَلَى الْحَيِّ دُونَ الميْتِ تُحسَب أَحْقُبٌ … تَوَالَتْ وتُحْصَى في التَّعَاقُبِ أَعْصُرُ

وَرُبَّ عَلِيمٍ لَمْ يجِيءْ مُتَقَدِّماً … أَتمَّ عُلاَهُ أَنَّهُ مُتأَخِّرُ

إِذَا عَاقَهُمْ عَنْ شُكْرِكَ اليَوْمَ عائِقٌ … وَتَدرِيهِ فَالأَعْقَابُ لِلْفَضْلِ تَشْكُرُ

لَقَدْ بِتَّ مِنْهُمْ فِي المقَامِ الَّذِي بِهِ … إِذَا ذُكِرَ الأَفْذاذُ فِي الخَلْقِ تُذْكَرُ

أَلاَ فِي سَبِيلِ اللّهِ حِكْمَتُكَ الَّتي … جَلاَهَا هِلاَلٌ مَالِيءُ الكَوْنِ مُقَمِرُ

وجِدٌّ بِهِ رُضْتَ الصِّعَابَ فَمَا كبَا … إِلى أَنْ دَهَاهُ جَدُّكَ المُتعَثِّرُ

وآدَابُ نفسٍ لوْ توَزَّعَ حسْنُهَا … عَرَاءٌ لأَضْحَى وَهْوَ كالرَّوْضِ مُزهِرُ

وَأَخْلاَقُ إِحْسَانٍ وَعفْوٍ وَرِقَّةٍ … رَوَائِعُ يُخْفِيها اتّضاعٌ وَتظهَرُ

وأَشْتَاتُ تخِريجٍ تُحَارُ بِهَا النُّهَى … وَآياتُ تدْبِيجٍ تَرُوعُ وتَبْهَرُ

عَليْكَ سَلاَمُ اللّهِ قَدْ بِتَّ هَانِئاً … وَأَكْبَادُنا مِنْ حَسْرَةٍ تَتَسَعَّرُ