بَنَاتِ الدَّهْرِ عُوجِي لاَ تَهَابِي – خليل مطران

بَنَاتِ الدَّهْرِ عُوجِي لاَ تَهَابِي … خَلاَ الْوَادِي مِنَ الأُسْدِ الغِضَابِ

هُنَا رَوْضٌ فَلاَ بَالَيْتِ فِيهَا … بَقَايَا الرَّوعِ مِنْ غَبَرَاتِ غَابِ

كَأَنِّي بِالْخُطُوبِ العُفْرِ أَضْحَتْ … سَوَاخِرَ مِنْ مَنَاقَشَةِ الْحِسَابِ

وَبِالأَرْزَاءِ بَعْدَ الْجِدِّ أَمْسَتْ … مِنَ الإِزْرَاءِ تَقْتُلُ بِالدُّعَابِ

مُهَاتَرَةٌ مِنَ الأَيَّامِ تُبْكَي … بِغَيرِي أنْ يُصَابِرَهَا وَمَا بِي

حُمَاةَ الْحَيِّ أَزْمَعْتُمْ سِرَاعاً … وَبَكَّرْتُمْ تِبَاعاً بِالذَّهَابِ

نَوَاكُمْ أَرْخَصَ العَبَرَاتِ حَتَّى … لَيَبْخَلَ بَاذِلُ الدُّرِّ المُذَابِ

نَحَيِّيكُمْ وَمَا فِينَا مُدَاجٍ … وَنَحْمَدُكُمْ وَمَا فِينَا مَحَابِ

سَلاَمٌ فِي مَرَاقِدِكُمْ عَلَيْكُمْ … وَحَسْبُكُمُ القَدِيمُ مِنَ العَذَابِ

سِوَى أَنَّا مَتَى اشْتَدَّتْ فَرَاعَتْ … وَلَمْ تَثِبُوا جَهَرْنَا بِالْعِتَابِ

نَعَاتِبُكُمْ وَنَعْلَمُ لَوْ مَلَكْتُمْ … سَبَقْتُمْ كُلَّ دَاعٍ بِالْجَوَابِ

عَلَى أَنَّا نُحِسُّ لَكُمْ قُلُوباً … خَوَافِقَ مِنْ أَسىً تَحْتَ التُّرَابِ

بِعَهْدِ الرِّفْقَةِ الأَبْرَارِ أَمْسَوْا … وَهُمْ فِي ذِمَّةِ الصُمِّ الصِّلاَبِ

عَليُّ أَلاَ تَقُولُ اليَوْمَ شَيْئاً … وَهَذَا يَوْمُ فَصْلٍ فِي الْخِطَابِ

أَلَسْتَ الوَاقِفَ الْوَقَفَاتِ رَدَّتْ … شَبَا الشُّبُهَاتِ عَنْ كَبِدِ الصَّوَابِ

وَمَرَّتْ بِالْحُقُودِ فَشَرَّدَتْهَا … وَعَادَتْ بِالْحُقُوقِ إلى النِّصَابِ

عَلِيٌّ أَلاَ تَذُودُ الْيَوْمَ ضُرًّا … مُضَرًّى بِالْوُثُوبِ وَالانْتِيَابِ

فَتَثْلِمَ عَزْمَهُ كَالْعَهْدِ حَتَّى … يَفِيءَ عَلَى يَدَيْكَ إلى مَتَابِ

بِذَاكَ الذَّابِلِ الْخَطِّيِّ مِمَّا … تَخُطُّ بِه العَظَائِمَ فِي كِتَابِ

بِذَاكَ العَامِلُ الغَلاًّبِ بَأْساً … عَلَى لِينٍ بِهِ عِنْدَ الْغِلاَبِ

يَمُجُّ أَشِعَّةً تُدْعَى بِنِقْسٍ … كَنُورِ الشِّمْسِ يَدْعَى بِاللُّعَابِ

سَنَاهُ مَرْشِدُ السَارِينَ كَافٍ … مَغَبَّاتِ الضَّلاَلِ وَالارْتِيَابِ

فَقَدْ تَنْجُو السَّفِينُ مِنِ ارْتِطَامٍ … إِذَا بَصُرَتْ وَتَهْلِكُ فِي الضَّبَابِ

لَحِقْتَ بِرَهْطِكَ الأَخْيَارُ تَثْوِي … كَمَثْوَاهُمْ مِنَ الْبَلَدِ الْيَبَابِ

فَإِنْ تَبْعُدْ وَقَدْ بَعِدُوا جَمِيعاً … فإِنَّ مُصَابَنَا فَوْقَ المُصَابِ

بِرَغْمِ المَجْدِ أَنْ وَلَّيْتَ عَنَّا … صرِيعاً لَمْ تَجُزْ حَدَّ الشَّبَابِ

وَكُنْتَ بَقِيَّةَ الأَبْدَالِ فِينَا … وَكَانَ عَلَيْكَ تُعْوِيلُ الصِّحَابِ

إِذَا اسْتَعَدَتْ عَلَى الآفَاتِ مِصْرٌ … فَقَدْ نُصِرَتْ بِرَوَّاضِ الصِّعَابِ

بِرَأْيٍ مِنْكَ نَفَّاذٍ ذَكِي … فُجَائِيٍّ كَمُنْقَضِّ الشِّهَابِ

يَظَلُّ اللِّيْلُ مِنْهُ وَقَدْ تَوَارَى … إِلَى أَمَدٍ بِهِ أَثَرُ الْتِهَابِ

وَكُنْتَ المَرْءَ حَقَّ المَرْءِ عَقْلاً … وَآدَاباً وَأَخْذاً بِاللُّبَابِ

صَدُوقَ الْعَزْمِ لاَ تَبْغِي طِلاَباً … وَتَرْجِعَ دُونَ إِدْرَاكِ الطِّلاَبِ

لَطِيفاً فِي الْتِمَاسِ الْقَصْدِ حَتَّى … لَتَشْتَبِهُ المَضَايِقُ بِالرِّحَابِ

شَدِيدَ الْبَطْشِ خَشْيَةَ غَيْرِ خَاشٍ … أَيُرْهَبُ انْتِسَابٍ وَاكْتِسَابِ

حَيَاتُكَ كُلُّهَا جُهْدٌ وَمَجْدٌ … بِمُعْتَرَكِ انْتِسَابٍ وَاكْتِسَابِ

تَجِلُّ عَلَى الْكوَارِثِ وَهْيَ تَطْغَى … كَفُلْكِ خَفَّ فِي ثِقَلِ الْعُبَابِ

إِذَا لَمْ يَبْتَلِعْهُ المَوْجُ عَادَى … بِهِ بَيْنَ الغَيَابَةِ والسَّحَابِ

تُكَافِحُهُ الْغَدَاةَ بِلاَ تِرَاكٍ … وَهَمُّكَ صَاعِدٌ وَالمَوْجُ رَابِ

إلى أنْ يَبْلُغَ الْجَوْزَاءَ وَثْبَاً … فَتَبْلُغَهَا عَلَى مَتْنِ الْحَبَابِ

فَمَا هُوَ بَيْنَ نَفْسِكَ فِي عُلاَهَا … وَدَارَ الخُلْدِ غَيْرُ وُلُوجِ بَابِ

كَذَاكَ أُجِزْتَ عَنْ كَثَبٍ إِلَيْهَا … فَكَانَتْ آيَةَ العَجَبِ العُجَابِ

قَرَاراً أَيُّهَا الْعَانِي وَطِيباً … بَمَا آتَاكَ رَبُّكَ مِنْ ثَوابِ

فَإِنْ تَتَوَارَ عَنَّا في حِجَابٍ … فَمَعْنَى لنُّورِ في ذَاكَ الحِجَابِ

سِوَاكَ غِيَابُهُ دَاجٍ ولَكِنْْ … لَكَ الشَّفَقُ المُقِيمُ مَدَى الغِيَابِ