بَقِيَ الِّذكْرِ وَالرَّغَامُ فَنِي – خليل مطران
بَقِيَ الِّذكْرِ وَالرَّغَامُ فَنِي … وَسَيَحْيَى فِي الخَالِدِينَ فِني
حَسْرَةٌ للِضِّعَافِ أنَّ يَداً … نَصَرَتْهُمُ تُغَلُّ فِي كفَنِ
لَقِيَ الْحَتْفَ وَالأَسَى عَمَمٌ … عَلَمٌ مِنُ مَفَاخِرٍ الزَّمَنِ
بَلَّغَتْهُ عَلْيَاءهُ هِمَمٌ … فَوْقَ وَصْفِ المُفَوَّهِ اللَّقِنِ
إنَّ لِلمَرْءِ فِي الحَيَاةِ مُنًى … إنْ سَمَتْ عَزَّ أَوْتَهُنْ بَهُنِ
سِوْفَ يَبْلَى مَا يُبْتَنَى لِبِلُى … وَسَيَبْقَى مَا لِلبَقَاءِ بُنِي
سَاسَ أَعْمَالَهُ فَأَنْجَحَهَا … جَهْدُ رَوَّاضِ صَعْبَةٍ مَرِنِ
بتَصَاريفِ عَازمٍ ثَقِفٍ … وَأَسَالِيبِ حَازِمٍ ذَهِنِ
لَمْ يُمَالِيءْ عَلَى الصَّوَابِ هَوى … أوْ يُجَنِبْ مَا اسْتَدَّ مِنْ سَنَنِ
وَلَقَدْ غَامَرَ الخُطُوبَ فَلَمْ … بيهِ مِنْ بَأُسِهَا وَلَمْ يَهِنِ
بَسْطَةُ اللهِ فِي الثَّرَاءِ لَهُ … أَجْمَلَتْ شُكْرَهَا يَدَا فَمِنِ
لاَ كَمَنْ فِي الجَمِيلِ مَرْتَعُهُ … وَكَأَنَّ الجَمِيلَ لَمْ يَكُنِ
أَوْسَعَ البِرَّ فِي مَعَاهِدِهِ … مِنَحاً لَمْ يُشَبْن بِالمِنَنِ
مَأْثُرَاتٌ جَلَّتْ وَضَاعَفَهَا … أَنَّهَا مِنْ دَقَائِقِ الفِطَنِ
لَبْسَ مِنْ مِصْرَ وَاسْمُهُ عَلَمٌ … فِي القُرى النَّائْيَاتِ وَالمُدُنِ
بَيْنَ مَنْ أَكْرَمَتْ وِفَادَتَهُمْ … مَنْ رَعَى العَهْدَ كَالفَقِيدِ مَنِ
ألوْ حَذَوْا حَذْوَهُ لَطَابَ لَهُمْ … وِرْدُهُمْ صَفياً مِنَ الإحَنِ
مَنْ أحَبَّ الإحْسَانَ لَمْ يُرِهِ … دَهْرُهُ غَيْرَ وَجْهِهِ الحَسَنِ
أَيْن مِنْ جًودِ بَاذِلٍ وَهُدَى … رَأيِهِ شُحُّ بَاخِلٍ أفِنِ
حُظْوَةٌ لِلغَنِيِّ أُوتِيَ أنْ … يُقْرِضَ اللهَ وَهْوَ عَنْهُ غَنِي
لَيْسَ وَقْعُ النَّدَى عَلَى زَعَرٍ … مِثْلَ وَقْعِ النَّدَى عَلَى دِمَنِ
يَا أمِيراً لَنَا العَزَاءُ بِهِ … عَنْ أَعَزَ الأَحْياءِ إنْ يَحِنِ
ولَكَ فِي كُلِّ حَالَةٍ عَرَضَتْ … سُنَّةٌ مِنْ طَرَائِفِ السُّنَنِ
مِنَنٌ لاَ تَنِي تتَابِعُهَا … قَدْ مَلأَتَ الأَيَّامَ بِالمِنَنِ
يَوْمُ هَذَا التَّأْبِينِ مَفْخَرَةٌ … فَلْيُثِبْكَ القَدِيرُ وَليَصُنِ
كَانَ أسْمَى مَعْنًى وَألْطَفُهُ … مَا بِهذَا الحَشْدِ المَهِيبِ عُنِي
أَهْلُ ثَغْرِ الإسكَنْدَرِيْةِ فِي … كُلِّ فَتْحٍ طَليعَةُ الوَطنِ
مَثَّلُوا الشَّعْبَ فِي الوَدَاعِ لِمَنْ … بِالأُمُورِ الَّتِي عَنَتْهُ عَنِي
أيُّ حَفْلٍ بَدَا الصَّنِيعُ بِهِ … وَالوَفَاءُ البَدِيعُ فِي قَرَنِ
حَسْبُ رُوحِ الفَقِيدِ مَا لَقيَتْ … مِنْ ثَنَاءِ القُلُوبِ وَاللُّسُنِ
إنَّهُ كَانَ للِعُلَى سَكَناً … فَبَكَتْ شَجْوَهَا عَلَى السَّكَنِ
هَلْ تُعَزِّيكِ يَا عَقِيلَتَهُ … أُمَّةٌ شَارَكَتْكِ فِي الحَزَنِ
عَلَّ أَشْجَانَهَا مُلَطِّفَةٌ … بَرْحَ مَا ذُقْتِهِ مِنَ الشَّجَنِ
كُنْتِ مِعْوَانَةَ الأَبَرِّ وَمَا … بَرَّ زَوْجاً كَالزَّوْجِ إنْ تُعِنِ
فَإِذَا مَا بَقِيَتِ سَالِمَةً … فَكَأَنَّ الفَقِيدَ لَمْ يَبِنِ