بكيت لمحمولٍ إلى القبر في نعشِ – حيدر بن سليمان الحلي
بكيت لمحمولٍ إلى القبر في نعشِ … سرى حاملوه في الثرى وهو في العرش
نعاكَ لي الناعي فقلت حشاشتي … عليها انطوت أنياب أفعى من الرقش
وقد كنت أرجو أن اهنِّيك بالشفا … فأصبحت أنشي في رثائك ما أنشي
وما خلتُ أنّ الدهر فيك مخاتلي … يراصدني سراً بغائلة البطش
إلى أن رأت عيني سريرَك والعُلى … على إثره تكلى وتعلن بالجهش
فلم أرَ لي من حيلة غير أنني … نظرتُ إليه مذ نأى نظر المغشي
كأنّ الذي بالأفق نعشُك سائراً … وطرفي السهى والحاملون بنو نعش
مشت خلفك التقوى تشيّعُ روحها … ومن غير روح من رأى ميتاً يمشى
بكتك وظفرُ الوجد يخدش قلبها … فمدمعها المحمرُّ من ذلك الخدش
لئن كنتَ فيما تبصر العينُ ثاوياً … بدار البلى في ذلك الجدث الوحش
فإنّك عند الله حيٌّ منعَّمٌ … لديه على تلك النمارق والفرش
ولولا ابنُك الزاكي لأدمى تأسفاً … عليك التقى كفيه بالعضِّ والنهش
ولكن رأى والحمد لله باقياً … له «حسنٌ» فاختاره ما اختار ذو العرش
فتى ً حنيت منه على قلب خاشعٍ … جوانحُ ذي نسكٍ سلمن من الغش
فما ينطق الفحشاءَ مذودُ فضله … ولا سمعُ تقواه يعى قولة الفحش
تعاهد غيثُ العفو مرقد «محسنٍ» … يبلُّ ثرى ً واراه رشاً على رشِّ