بكرتْ هيماً تحلُّ الرَّبطا – مهيار الديلمي
بكرتْ هيماً تحلُّ الرَّبطا … تملكُ الماءَ على سربِ القطا
تحسبُ الأخفافَ في أجنحة ٍ … طرنَ والجرجارُ منها اللَّغطا
كلُّ هوجاءٍ ترى في حبلها … منْ أبانٍ منكباً منخرطا
تصفُ المعقولَ منها مارداً … غلَّ والنَّاشطَ سهماً مرطا
ما رأتْ جزعَ أشيٍّ خوصها … فرأتْ كفٌّ لعنقٍ مضبطا
ظمأ لا تبغَّينَ لهُ … مشتكى ً إلاَّ وسيعاتِ الخطا
فانهَ يا حابسها فضلَالعصا … إنَّما تأمرُ أمراً شططا
وعلى الماءِ الذي جئتَ لهُ … كلُّ جمِّ الأخذِ منزورُ العطا
يمنعُ الرشفة َ لا ترزأهُ … ويفرِّي باللِّحاظِ النبطا
باردُ الرِّيقِ إذا مرَّ سقى … مرهفَ الجفنِ إذا همَّ سطا
يا فروعَ البانِ منْ وادي الغضا … زادكنَّ اللهُ بي مختبطا
أجتني حيثُ اجتنى الظبيُ العرا … قيُّ أو اعطي المنى حيثُ عطا
وسقى الدَّمعُ وإلاَّ فالحيا … ذلكَ الملعبَ والمختلطا
آهِ كمْ فيكنَّ لي منْ نظرة ٍ … قتلتْ عمداً وكانتْ غلطا
وفؤادٍ أبداً أرمي بهِ … لعيونٍ تستقلُّ اللُّقطا
ومقيلٍ فرشَ اللَّهوُ بهِ … فوقكنَّ الأزرَ لي والرِّيطا
زمنٌ ليتَ المنى ترجعهُ … لو بليتٍ ردَّ عيشٌ فرطا
كلَّ يومٍ أتمنى وطراً … لمْ أكنْ أمسِ بهِ مغتبطا
أشتكي الآتي إلى الماضي ولا … يعدمُ الأقربُ لي ما شحطا
قلْ لبيضاءَ توسَّعتُ بها … قدْ تلثَّمنكِ صلاًّ أرقطا
إنَّما كنتِ حساماً حطَّ في … مفرقي واسمكِ شيبٌ وخطا
أنكرَ الطُّرَّاقُ منهُ قبساً … أعلقَ النَّارَ بهِ منْ سلطا
وتواصتْ رسلُ الألحاظِ منْ … قبلِ أنْ تبلغهُ أنْ يسقطا
قمتُ منْ نادي الهوى أندبهُ … شعراً صارَ برغمي شمطا
ولئنْ هانَ ضعيفاً ذاوياً … قيما عزَّ دهيناً قططا
وأخٌ والنَّومُ في أجفانهِ … نحلة ٌ شنَّوا عليها المأقطا
ومنْ اللَّيلِ عليهِ فضلة ٌ … ميسمُ الصُّبحِ بها ما علطا
وسطورُ الأفقِ قدْ جلَّلها … أزرقُ الفجرِ فعادتْ نقطا
والثُّريا في وآخيرِ الدُّجى … هامة ٌ شمطاءُ غلَّتْ مشطا
قلتُ قمْ قدْ يئستْ منَّا العلا … فتمطَّى يوسدُ الكفُّ المطا
ينفضُ الونيَّة َ عنْ أعطافهِ … منفضَ المعقولِ لاقى منشطا
ثمَّ قال اطلبْ بنا غاياتها … وتقحَّمها مخيضاً مورطا
قدْ مللنا النَّاسَ فاصفحْ عنهمُ … عرضَ هذا الملإ المنبسطا
لا تقعْ إلاَّ رءوساً فيهمْ … دعْ ذنابها لهمْ والوسطا
فأثرناها رفيقيْ عزمة ٍ … شاكلتْ بينهما فاختلطا
نأخذُ الأرفعَ منْ طرقِ العلا … ونعدِّي المنحني والمهبطا
فوصلنا والعلا لمْ تختضعْ … باعتسافٍ والّذُرى لمْ تلتطا
نردُ الغدرَ زلالاً شبما … ونفيءُ المجدَ ظلاًّ سبطا
والثُّرى أخضرُ لا يلبسهُ … جلدة َ الشَّهباءِ عامٌ قحطا
وإذا العوراءُ غطَّتْ وجهها … عنكَ لمْ تلقِ على المالِ غطا
ليسَ إلاَّ جفنة ً فهَّاقة ً … للقرى أو بازلاً معتبطا
غررٌ تجلو الدَّياجي ولهى … يتفرَّجنَ الخطوبَ الضُّغَّطا
نعمَ باناتُ صباً مطلولة ٌ … تطردُالرِّيحَ شمالاً قطقطا
تسرحُ الأبصارُ حيثُ اقترحتْ … والرَّجاءُ الرَّحبُ كيفَ اشترطا
كلُّ فضلٍ عادلٍ ميزانهُ … فإذا جاءَ عطاءٌ فرَّطا
لاا تعبِّسْ نعمة ٌ ضاحكة ٌ … قاسمَ الحظَّ بها ماغلطا
رضيَ المقدارُ والحظُّ بها … إنْ رضيَ حاسدها أو سخطا
لبني عبدِ العزيزِ اجتهدتْ … بوجيفِ المنتقى والمرطى
لمساميحَ حووا سقفَ العلا … حصصاً واقتسموهُ خططا
كلُّ وضاحٍ قدامى دستهِ … قبلُ الآمالي تحفي البسطا
تبصرِ الغاشينَ حولي بابهُ … أبداً ركباً ورجلي سمطا
لو مشى حولاً على شوكِ القنا … ورأى الضَّيمَ قعوداً ما امتطى
فإذا استصرخَ في نازلة ٍ … سلَّطَ الآراءَ فيما سلَّطا
قامَ تأويدَ الخلافاتِ بهمْ … حادثاتٍ وسلافاً فرطا
وإذا لمْ يصبحوا أربابها … وزروا فيها وكانوا الوسطا
وإذا ما ولدوا بدراً جلا … ظلمُ الأرضِ وبحراً غطمطا
مثلما أحيا النَّدى فخرُ العلا … واستراشَ الكرمَ المنجلطا
ساكنُ الصَّدرِ ليانٌ مسَّهُ … فرشَ البشرِ شعاراً ووطا
شائماً فيها ظباً مبروَّة ً … يفتللنَ الصَّارمَ المخترطا
مثلَ حيَّاتِ النَّقا ما عرمتْ … كانَ مأكولاً بها مسترطا
مبصراتٍ فقرَ القولِ إذا … ما ابنُ عشواءَ بليلٍ خبطا
تضبطُ الدُّنيا فإنْ سامَ يداً … ضمَّ دينارٍ أبتْ أنْ تضبطا
وسعى طفلاً فطالتْ يدهُ … سودداً كهلهمْ المختلطا
جئتهُ والدَّهرُ قدْ أرصدَ لي … منْ خفيِّ الكيدِ ذئباً أمعطا
وجروحُ اليأسِ في حالي سدى … تقذفُ القيدَ وتعيي القمطا
فوفى جذلانَ حتى ردَّني … وقصارى غايتي أنْ تغبطا
تأذخذُ الأبصارُ مني شارة ًُ … تدعْ الشَّيخَ فتى ً مستشرطا
نعمة ٌ لو قعدَ الشِّكرُ بها … بهرتْ وأشتهرتْ أنْ تغمطا
فاتتْ الأملاكَ حتى منعتْ … كلَّ راجي غاية ٍ أنْ يقنطا
فاستمعْ تخبركَ عنِّي شرَّد … تقطعُ الأرضَ الربى والغوطا
تدعْ الآمالُ إما روضة ً … سقيتْ أو عترة ً أو نمطا
معدنٌ كلُّ لسانٍ مفصحٍ … حولها يسقطُ حتى تلقطا
وإذا هجنُ القوافي نسبتْ … كانتْ العربُ وكنَّ النَّبطا
وإذا النيروزُ ضمَّتْ عطفهُ … فترة ٌ هزَّتهُ حتى يبسطا
فابتدا بينَ يديكمْ قائماً … لكمُ يفتحُ منها سفطا
فاهتبلها تحفة ٌ وأنعمَ بها … زائراً إمَّا دنا أو شحطا