بعينيك يوم َالبينغيبي ومشهدي – مهيار الديلمي

بعينيك يوم َالبينغيبي ومشهدي … و ذلُّ مقامي في الخليط ومقعدي

و قولي وقد صاحوا بها يعجلونها … نشدتكمُ في طارقٍ لم يزودِ

أناخ بكم مستسقيا بعضَ ليلة ٍ … و لم يدرِ أن الموتَ منها ضحى الغدِ

أتحمون عن عضّ الضراغم جاركم … و يقتلني منكم غزالٌ ولا يدي

و ما زلتُ أبكي كيف حلت بحاجرٍ … قوى جلدي حتى تداعي تجلدي

و عنفني سعدٌ على فرط ما رأى … فقلتُ أتعنيفٌ ولم تكُ مسعدي

أسفتُ لحلمٍ لي يومَ بارقٍ … فأخرجه جهلُ الصبابة من يدي

و ما ذاك إلا أن عجلتُ بنظرة ٍ … قتلتُ بها نفسي ولم أتعمدِ

تحرشْ بأحقاف اللوى عمرَ ساعة ٍ … و لولا مكانُ الريب قلتُ لك ازدد

و قل صاحبٌ لي ضلَّ بالرمل قلبهُ … لعلك أن يلقاك هادٍ فتهتدي

و سلمْ على ماءٍ به بردُ غلتي … و ظلَّ أراكٍ كان للوصل موعدي

و قل لحمام البانتين مهنئاً … تغنَّ خليا من غرامي وغردِ

أعندكمُ يا قاتلينَ بقية ٌ … على مهجة ٍ إن لم تمتْ فكأن قدِ

ويا أهل نجدٍ كيف بالغور عندكم … بقاءُ تهاميًّ يهيم بمنجد

ملكتم عزيزا رقه فتعطفوا … على منكرٍ للذلّ لم يتعود

أغدرا وفيكم ذمة ٌ عربية ٌ … و بخلا ومنكم يستفادُ ندى اليدِ

فليت وجوهَ الحيّ أعدتْ قلوبهُ … ففجرَ لي ماءً بها كلُّ جلمدِ

وليتكمُ جيرانُ عوفٍ تلقنوا … خلالَ الندى والجودِ من آل مزيد

من الضيقي الأعذارِ والواسعي القرى … إذا ما جمادى قال لليلة ابردي

و لف على خيشومهِ الكلبُ مقعيا … يرى الموتَ إلا ما استغاث بموقدِ

و شدّ يديه حالبُ الضرع غامرا … على مصفرِ قد مسه الجدبُ مثمدِ

و باتَ غلامُ الحيّ يسند ظهرهَ … من النضد الواهي إلى غيرِ مسندِ

هنالك يأوى طارقُ الليل منهمُ … إلى كلّ رطبٍ مثمرِ النبتِ مزبدِ

كريم القرى والوجهِ ملءِ جفانهِ … رحيبِ الرواقِ منعمِِ العيش مرفدِ

قليل على الكوم الصفايا حنوهُ … إذا السيف رداهنَّ للساقِ واليدِ

كمثل أبي الذوادِ لا متعللٍ … إذا سئل الجدوى ولا بمنكدِ

فتى ً بيتهُ للطارقين وسيفهُ … لهامِ العدا والمالُ للمتزودِِ

و يوماه إما لاصطباحِ سلافة ٍ … تصفقُ أو داعي صياحٍ ملددِ

و فيَ بشروط الملك وهو ابن مهدهِ … و سودَ في خيط التميم المعقدِ

و جادَ على العلات والعامُ أشهبٌ … بأحمرَ من خير الرحالِ وأسودِ

و لم تحتبسه عن مساعي شيوخه … سنوه التي حلته حلية أمردِ

أناف بجديه وأسندَ ظهرهُ … إلى جبلين من عفيفٍ ومزيدِ

له في ملوك الشرقِ والغربِ منهمُ … نجومُ السماءِ من ثريا وفرقدِ

أيا راكبَ الوجناءِ يخبط ليله … على الرزق لم يقصدِ ضلالاً لمقصدِ

ترامت به الآفاقُ ينشدُ حظه … فلم يعطهِ التوفيقُ صفحة َ مرشدِ

أنخها تفرجْ همها بمفرجٍ … و طلق شقاءَ العيش من بعدُ واسعدِ

وردْ جمة َ الجودِ التي ما تكدرتْ … بمنًّ وردْ ظلَّ المنى المورق الندى

و بتْ في أمانٍ لأن يسوءكَ ظالمٌ … علتْ يدهُ أو أن تراعَ بمعتدي

حماك أبو الذوادِ مالكُ أمرهِ … على كلّ حامٍ منهمُ ومذودِ

أخو الحرب إما محمدٌ يومَ أوقدتْ … و إما شبوبٌ نارها غير محمدِ

له الخطوة الأولى إذا السيف قصرتْ … به ظبتاه فهو يوصل باليدِ

إذا ابتدر الغاراتِ كان سهامها … له من قتيلٍ أو أسيرٍ مصفدِ

خفيف أمام الخيلِ رسغُ جوادهِ … إذا الخوفُ أقعى بالحصانِ المعردِ

و لما كفى الأقرانَ في الروع وارتوتْ … صوارمهُ من حاسرٍ ومسردِ

تعرضَ للأسدِ الغضابِ فلم يدعْ … طريقا لذي شبلين منها ومفردِ

حماها الفريسُ أن تطيفَ بأرضه … و شردها عن غابها كلَّ مشردِ

و هانتْ فصارتْ مضغة ً لسلاحه … ممزقة ً في صعدة ٍ أو مهندِ

و يومَ لقيتَ الأدرعَ الجهمَ واحدا … جرى ملبدٌ يشتدُّ في إثر ملبدِ

نصبتَ له لم تستعن بمؤازرٍ … عليه ولم تنصرَ بكثرة ِ مسعدِ

وقفتَ وقد طاش الرجالُ بموقفٍ … متى تتمثله الفرائصُ ترعدِ

فأوجرتهُ نجلاءَ أبقتْ بجنبهِ … فتوقا إذا ما رقعتْ لم تسددِ

تحدرُ منها لبتاه وصدرهُ … على ساعدٍ رخوٍ وساقٍ مقيدِ

فلم تغنهِ إذ خان وثبة ُ غاشمٍ … و لم ينتقذه منك إقعاءُ مرصدِ

رأى الموتَ في كفيكَ رأيَ ضرورة ٍ … فأوردَ منه نفسه شرَّ موردِ

و أحرزتها ذكرا يخصك فخرهُ … تناقلهُ الأفواهُ في كلَّ مشهدِ

جمعتَ الغريبينْ الشجاعة َ والندى … و ما كلُّ مردٍ للكماة ِ بمرفدِ

و قمتَ بإحكام السيادة ِ ناظما … عراها فما فاتتك حلة ُ سيدِ

أتاني من الأنباء أنك مغرمٌ … بفضلِ مديحي عارفٌ بتوحدي

حبيبٌ إليك أن تزفَّ عرائسي … عليك تهادى بين شادٍ ومنشدِ

متى ما تجدْ لي عند غيرك غادة ً … مخدرة ً تغبطْ عليها وتحسدِ

فقلتُ كريمٌ هزه طيبُ أصله … و واحدُ قومٍ شاقه مدحُ أوحدِ

و ليس عجيبا مثلها عند مثلهِ … إذا هبَّ يقظانا لها بين رقدِ

فأرسلتها تلقى إليك عنانها … و غيرك أعيته فلم تتقودِ

لها فارسٌ من وصفِ مجدك دائسٌ … بأرساغها ما بين طودٍ وفدفدِ

يرى كلَّ شيء فانيا ورداؤه … على عنقِ باقٍ في الزمان مخلدِ

متى تجزها الحسنى بحقَّ ابتدائها … تزركَ بعينٍ تملأ السمعَ عودِ

فوفرْ على عجز البعول صداقها … و عرسْ بها أمَّ البنين وأولدِ

و صنها وكرمْ نزلها إنّ بيتها … كبيتك في أفق السماء المشيدِ

و كن كعليًّ أو فكن لي كثابتٍ … وفاءً وإعطاءً وإنْ شئتَ فازددِ