براءة بر في برآء المحرم – ابن شهاب
براءة بر في برآء المحرم … عن اللهو والسلوان من كل مسلم
فهل خامر الإيمان قلب امرء يُرَى … لتلك الليالي لاهياً ضاحك الفم
ليال بها الخطب الجسيم الذي اكتسى … به أفق الجرباء صبغة عندم
ليالٍ بها أيدي اللئام تلاعبت … بها بدور للمعالي وأنجم
ليال بها في الأرض قامت وفي السما … مآتم أعلى الناس قدراً وأعظم
ليال بها نتنى الخنازير أو لغوا … مدى غيهم والبغي في طاهر الدم
ليال بها ذبح ابن بنت محمد … وعترته رمز الكمال المترجم
فأي جنان بين جنبي موحد … بنار الأسى والحزن لم يتضرم
وأي فؤاد دينه حب أحمد … وقرباه لم يغضب ولم يتألم
على دينه فليبك من لم يكن بكى … لرزء الحسين السيد الفارس الكمي
همام رأي رايات ملة جده … منكسة والشرع غير محكم
وسنة خير المرسلين تجذمت … عراها ودين الله بالجحد قد رمي
فأغضبه من ذاك ماسر أسرة … هواهم قنى القينات أو شرب حنتم
ويمّم سكّان العراق لينزعوا … شجاه وهم والله شر ميمّم
توجه ذو الوجه الأغر مؤدّيا … لواجبه لم يلوه لحي لوم
فوازره سبعون من أهل بيته … وشيعته من كل طلق مقسم
فهاجت جماهير الضلال وأقبلت … بجيش لحرب ابن البتول عرمرم
تألب جمع من فراش جهنم … غواة يرون الشرك أكبر مغنم
يقرون بالقرآن لكن لعله … لسخرية إقرارهم أو تهكّم
لتعزيز طاغ جاءت ابنة بحدل … به نابذ الدين الحنيفي مجرم
وخذلان هاد أشرقت في جبينه … أشعة أنوار الحبيب المعظم
وحين استوى في كربلاء مخيما … بتربتها أكرم به من مخيم
أحاطت به تلك الأخابث مثل ما … يحيط سوار من حديد بمعصم
وصدوه عن ماء الفرات ليطردوا … عن الحوض حتى يقذفوا في جهنم
وساموه إعطاء الدنية عندما … رأوا منه سمت الخادر المتوسم
وهيهات أن يرضى ابن حيدرة الرضا … بخطة خسف أو بحال مذمم
أبت نفسه الشمّاء إلا كريهة … يموت بها موت العزيز المكرم
هو الموت مر المجتني غير أنه … ألذ وأحلى من حياة التهضّم
فأذكى شواظ الحرب بالعسل الظما … وشب لظاها من شباكل مخذم
وقارع حتى لم يدع سيف باسل … بمعترك الهيجاء غير مثلم
وصبحهم بالشوس من صيد قومه … نسور الفيافي من فرادى وتؤام
على ضمر تأتم في حومة الوغى … بيحمومه أو ذي الجناح المحموم
يبيعون في الجلى نفائس أنفس … لنصر الهدى لا نيل جاهٍ ودرهم
ولما أراد الله إيقاف روحه … بمنظره الأعلى وقوف المسلم
أتاح له نيل الشهادة راقيا … معارج مجد صعبة المتسنم
فديتك بدراً برجه سرج سابح … هوى فانطوى سر العباء المطلسم
خضيب دماء كالعروس يزف في … قباء بصبغ الأرجوان مرسم
معفرة بالترب أعضاء جسمه الكريم … وهذا سِرُّ حٍلٍّ التيمّم
وما ضرّه أن أوطؤا حر صدره … سنابك ورد ذي نعال وأدهم
ولكنها شنعاء توجب لعنهم … وتحسر عن وجه النفاق الملثم
هي الفتنة الصمّاء لم يُلْفَ بعدها … منار من الإيمان غير مهدم
بٍنيٍرٍ دين الله سبط رسوله … وعترتة خوص المنية ترتمي
كليث الشرى العباس والشبل قاسم … وعمّيه والفتّاك عون ومسلم
عرفنا بهم معنى إذا الشمس كوّرت … ورمز انكدار في النجوم مكتم
بها اهتز عرض الله وارتجت السما … بأملاكها من هولها المتجشم
بها اسودّت الدنيا أسى ً وتهتكت … بها حرمة البيت العتيق وزمزم
أولاك الكرام المبتغو فضل ربّهم … ورضوانه تحت العجاج المقتم
سقى الله بالطف الشريف قبورهم … بوبل من الجود الإلهي مثجم
وزادهم المولى علا وكرامة … بأفضل تسليم عليهم وأدوم
بعداً لقوم لم يقوموا لنصرهم … على قدرة منهم بعزم مصمّم
رأوا شيعة الرجس ابن سعد وشمر … تجاولهم وابن الدعي الجهنمي
ولم تتحرّك للحفيظة منهم … حفائظ تطغي منهم كل مرقم
أيُزوى ابن طه عن منصة جده … ويُرضى لها ترب الخلاعة عبشمي
كأن الهدى من بيت صخر تفجّرت … ينابيعه والوحي من ثم ينتمي
فيا أسرة العصيان والزيغ من بني … أمية من يستخصم الله يخصم
هدمتم ذرى أركان بيت نبيكم … لتشييد بيت بالمظالم مظلم
تداركتم في البغي ولداً ووالداً … وزخرفتم إفك الحديث المرجم
ولم تمح حتى الآن آثار زوركم … وتصديقه ممن عن الحق قد عمي
فأصل الشقا أنم ومن يحذ حذوكم … له يسد جلباب العذاب ويلحم
فلا تكتمن الله ما في نفوسكم … ليخفى ومهما يكتم الله يعلم
ولا بدع إن حاربتم الله إنها … لشنشنة من بعض أخلاق أخزم
ونازعتم الجبار في جبروته … ولكنه من راغم الله يرغم
ولم تحسبوا من طيشكم أن عنكم … عيون قصاص الغيب ليست بنوم
ستجزون في الأخرى نكالاً مؤبداً … على ما اقترفتم من عقوق ومأثم
عذرتم بسادات البرية غدرة اليهود … بيحيى والمسيح ابن مريم
وإنا وإن كنّا من الضيم والأسى … وفرط التلظي نمزج الدمع بالدم
فلسنا الأولى ننحو بندب سراتنا … نياح الغواني خفن سوء التأيم
ولكننا غيظاً نعض أكفّنا … لما فاتنا من ثأرنا المتقدم
وما من بواءٍ في بني اللؤم تشتفي … به النفس من بلبابها والتذمّم
ولكن إغضاء الجفون على القذى … وتمهيد عذر المعتدي شر ميسم
ومن شؤم سوء الحظ كان بروزنا … من الغيب بعد المشرب المتوخّم
ويا ليت أنًّا والأمانيّ عذبة … شهدنا وطيس الحرب بالطف إذ حمي
لخضنا عباب الهول تشتد تحتنا … خماصُ الطوى من كل طام مطهم
وقائدنا يوم الذمار ابن فاطم … كأشبال غاب أمها خير ضيغم
لندرك إحدى الحسنيين بنصره … منال الأماني أو منية مقدم
أجل قدرة المولى تبارك أنفذت … إرادته طبق القضاء المحتم
لتبيض يوم الحشر بالبشر أوجه … وتسودّ أخرى لارتكاب المحرّم
نبي الورى بعد انتقالك كم جرى … ببيتك بيت المجد والمنصب السمي
دهتهم ولما تمض خمسون حجّة … خطوب متى يلممن بالطفل يهرم
فكم كابد الكرّار بعدك من قلى … وخلف إلى فتك الشقي ابن ملجم
وصبت على ريحانتيك مصائبٌ … شهيد المواضي والشهيد المسمّم
ضغائن ممّن أعلن الدين مكرها … ولولا العوالي لم يوحّد ويسلم
أضاعوا مواثيق الوصية فيهم … ولم يرقبوا إلاًّ ولا شكر منعم
فسق غير مأمورٍ إلى النار حزبهم … إذا قيل يوم الفصل ما شئت فاحكم
حبيبي رسول الله أنا عصابة … بمنصبك السامي نعزّ ونحتمي
لنا منك أعلى نسبة ٍ باتّباعنا … لهديك في أقوى طريق وأقوم
ونسبة ميلادٍ فم الطعن دونها … على الرغم مغتص بصاب وعلقم
نعظّم من عظّمت ملأ صدورنا … ونرفض رفض النعل من لم تعظم
لدى الحق خشنٌ لا نداجي طوائفاً … لديهم دليل الوحي غير مسلم
سراعاً إلى التأويل وفق مرادهم … لرفع ظهور الحق بالمتوهم
هل الدين بالقرآن والسنة التي … بها جئت أم أحكامه بالتحكّم
ولكن عن التمويه ينكشف الغطا … لدى الملك الديّان يوم التندّم
وأزكى صلاة الله ما ذرّ بازغٌ … وما افترّ ثغر البارق المتبسّم
على روحك المعنى الذي الفيض منه في … مجرّد هذا الكون والمتجسّم
وعترتك المستودعي سر علمك المصون … عن الأغيار عرب وأعجم
وأصحابك المروين في نصرة الهدى … صدى كل مشحوذ الغرار ولهذم
صلاة ً كما أحببت مشفوعة الأدا … بنشر سلامٍ بالعبير مختم