بدني أضحى إلى الأممِ – محيي الدين بن عربي
بدني أضحى إلى الأممِ … نائباً عن كعبة ِ الحرمِ
كعبة ِ للسرِّ يسعى لها … كلُّ من يمشي على قدمِ
منْ أرادَ الحجَّ يقصدهُ … منْ جميعِ العربِ والعجمِ
أنا سِرّ الخلقِ كلهِّم … أنا اللاقسمة الكلم
إنني شفعٌ ووترٌ إذا … لم يكن بالرَّبع من إرَمِ
أنا كن لكنني شبحٌ … قابل للجهل والحكم
فيكونُ الجهلُ في صببٍ … ويكونُ العلمُ في علمِ
إننا لوحانِ قدْ رقما … غيرَ أنَّ الوترَ في القلمِ
أنا وصفُ الوصفِ فاتصفوا … أنا ذاتُ الذاتِ فالتزمِ
أنا سرُّ السرِّ قد عدلتْ … همتي عنْ موقفِ الهممِ
أنا نورُ النورِ قدْ برزتْ … بوجودي ذرة ُ الظلم
أنا عِزُّ العز ما ملكتْ … نفسي ذاتُ الذلِّ والعدمِ
من رآني قدْ رأى ما خفيَ … في مثالِ النورِ والقدمِ
بلغ الغاياتِ قلبُ فتى … ليمين الله ملتزم
قد أبحنا لثمها فمه … علية َ في سابقِ القدمِ
سعد نفسي أنها سعِدَتْ … بسلوكِ الواضحِ الأممِ
لمْ ينلهُ غيرها عشقاً … مثلها في سالف الأمم
يا رجالاً غيرنا طلبوا … أينَ جودُ البحرِ منْ كرمي
ارجعوا واستلموا كفَّ من … إنْ يهب لم يخش من عدم
كلُّ طرفٍ في العلى سابحٌ … نحونا وجداً بنا يرتمي
كلُّ سرٍّ خافضٌ رافعٌ … لوجودي رغبة ً ينتمي
مثلَ حلّ الشمسِ في حملٍ … أمنوا تحلة َ القسمِ
لمْ يزلْ ولا يزالُ غداً … في نعيمٍ غير منصرمِ
وشموسُ الوصلِ طالعة ٌ … وخسوفُ البحرِ في العدمِ
انظروا قولي لكمْ فلقد … طرفُ كلِّ الناسِ عنهُ عمي
تجدوه واضحاً حسناً … منبئاً عن رتبة الكرم
يا إلهَ الخلقِ يا أملي … وسميري في دجى الظلمِ
جدْ على صبِّ حليفٍ ضني … يا كثيرَ الفضلِ والنعمِ