بدتْ قمراً لهُ حظي ليالي – مصطفى صادق الرافعي
بدتْ قمراً لهُ حظي ليالي … وجسمي في هواها كالهلالِ
ولاحتْ في المرآةِ فقلْ سماءٌ … تولتْها الملائِكُ بالصقالِ
ترقرقَ حسنها فيها فقالتْ … وفي الطاووسِ طبعُ الاختيالِ
وكانتْ كالغصونِ أصبنَ نهراً … فداعبْنَ الظِّلالَ على الزلالِ
وكنتُ لها بواحدةٍ قتيلاً … فكيفَ بها اثنتينِ على قتالي
دعوها تدرِ منها ما درينا … وتنظر ما نظرنا من جمالِ
فما مرآتها إلا كتابٌ … يعدُّ لها جناياتُ الدلالِ
وما اتهمتْ محاسنها ولكنْ … يكونُ سجيةً مرحُ الغزالِ
عساها صدَّقتْ ما أخبروها … بأن الطيفَ يسمحُ بالوصالِ
فلازمتِ المرآةَ كما أراها … تحاولُ أنْ تُظَّفرَ بالخيالِ
وللحسناءِ آمالٌ وماذا … يؤملُ في السما غيرُ المحالِ
فيا مرآتها وصفاءَ قلبي … وعصرَ طفولتي وخلوَّ بالي
ويا حظّي وحاجبها ودهري … وطرتَها وعينها وحالي
تقلبتِ الليالي بي ولما … يرعني إن تقلبتِ الليالي
كأني صرتُ مرآةً لدهري … يرى يها محاسنهُ البوالي
فلم ينظرْ جبيني قَطُّ إلا … تنفسَ فيهِ بالهمِّ العُضالِ
فدَيتُكِ ساعةَ المرآةِ طولي … أمدكِ من لياليَّ الطوالِ
فما أحلى إذا وقفتْ إليها … تبالي بالجمالِ ولا تبالي
وبانتْ في الحليِّ طريقَ سبقٍ … لتستبقَ اليمينَ معَ الشمالِ
وأعيى كفها الشعرُ اختلافاً … كما تعيى الهدايةُ بالضلالِ
ولاحتْ في لواحظها سِمَاةٌ … كا تجري المنيةُ في النّصالِ
فلو نطقتْ لنا المرآةُ عنها … إذاً قالتْ تباركَ ذو الجلالِ