بأثيلاتِ النَّقا سربُ قطا، – محيي الدين بن عربي
بأثيلاتِ النَّقا سربُ قطا، … ضَرَبَ الحسنُ عليهَا طُنُبا
وبأجوازِ الفلا من إضمٍ، … نعمٌ ترعى لديها وظبا
يا خَلِيلَيَّ قِفَا واسْتَنطِقا … رَسْمَ دَارٍ بعدهمْ قد خَرِبا
واندبا قلبَ فتى فارقهُ، … يوْمَ بانوا، وابكِيا وانتحِبا
علّهُ يُخبِرُ حيثُ يمّمُوا … ألِجَرْعَاءِ الحِمَى ، أو لِقَبَا
رَحَلُوا العِيسَ، ولم أشعرْ بهمْ، … ألسهوٍ كانَ أم طرفُ نَبَا
لم يكن ذاكَ، ولا هذا، وما … كانَ إلاّ ولَهٌ قد غَلَبا
يا هُموماً شَرَدَتْ وافتَرَقَتْ … خلفهمْ تطلبهمْ أيدي سبا
أيُّ ريحٍِ نسمتْ ناديتها … يا شمالُ، يا جنوبُ، يا صبا
هل لَدَيْكُمْ خَبَرٌ ممّا نَبا … قد لَقينا من نَواهمْ نَصَبا
أسنَدَتْ ريحُ الصَّبا أخبَارَها … عنْ نباتِ الشِّيحِ عنْ زهرِ الرُّبى
إنّ مَنْ أمرَضَهُ داءُ الهَوَى … فَلْيُعَلَّلْ بأحاديثِ الصِّبا
ثمَّ قالتْ : يا شمالُ خبِّري … مثلَ ما خبَّرتهُ أو أعجبا
ثمّ أنتِ يا جَنوبُ حدّثي … مثلَ ما حدثتهُ أو أعذبا
قالتْ: الشَّمالُ عندي فرجٌ … شاركتْ فيهِ الشمالُ الأزْيَبا
كلُّ سَوءٍ في هَوَاهُم حَسُنَا … وعذابٌ برضاهمْ عذبا
فإلى ما وعلى ما ولما … تشتكي البثَّ وتشكو الوصبا
وإذا ما وعدوكم ما ترى … برقَهُ إلاّ بريقاً خُلَّبا
رقمَ الغيمُ على ردنِ الغما … من سَنا البرْقِ طِرازاً مُذهَبا
فجَرتْ أدمعُها منها على … صَحنِ خدّيها، فأذكتْ لهَبا
وردة ٌ نابتة ٌ منْ أدمعٍ … نَرجِسٌ تُمطِرُ غَيثاً عَجَبا
ومتى رُمتَ جَناها أرسَلت … عطفَ صدغيها عليها عقربا
تشرقُ الشَّمسُ إذا ما ابتسمتْ، … رَبّ ما أنْوَرَ ذاكَ الحَبَبَا
يطلعُ اللَّيلُ، أذا ما أسدلتْ … فاحماً جَثْلاً أثيثاً غَيْهَبَا
يتجارى النَّحلُ مهما تفلتَ … رَبّ ما أعْذَبَ ذَاكَ الشّنَبَا
وإذا مالَتْ أرَتنا فَنَناً، … أو رَنَتْ سالَتْ من اللّحْظِ ظُبى
كم تُنَاغي بالنّقا من حاجرٍ … يا سليلَ العربيَّ العربا
أنا إلاّ عَرَبيٌّ، ولِذا … أعشقُ البِيضَ وأهوَى العَرَبا
لا أبالي شرَّقَ الوجدُ بنا … حيثُ ما كانتْ بهِ، أو غرَّبا
كلَّما قلتُ : ألا، قالوا: أما … وإذا ما قلتُ: هل؟ قالوا: أبى
ومتَى ما أنجَدُوا أو أتهَموا … أقطعُ البيدَ أحثُّ الطَّلبا
سامريُّ الوقتِ قلبي، كلَّما … أبصَرَ الآثارَ يبْغِي المذْهَبا
وإذا همْ شرَّقوا، أو غرَّبوا … كانَ ذو القرنينِ يقفو السَّببا
كمْ دعونا لوصالٍ رغباً … كمْ دعونا منْ فراقٍ رهبا
يا بني الزَّوراءِ هذا قمرٌ … عِندكم لاحَ، وعندي غَرَبا
حَرَبي، والله منْهُ حرَبي، … كمْ أنادي خلفهُ: وا حربا
لهفَ نفسي، لهفَ نفسي لفتى ً … كلَّما غنَّى حمامٌ غيَّبا