اليوم أنجزَ ماطلُ الآمالِ – مهيار الديلمي

اليوم أنجزَ ماطلُ الآمالِ … فأتتك طائعة ً من الإقبالِ

بمنى ً وفين له وهنَّ غوادرٌ … ولقحن قربك بعد طولِ حيالِ

قطعَ المنى يستام ذاك بنفسه … مسترخصاً والدهرُ فيه يغالي

فأتى يدوس الهولَ نحوك شوقه … والشوقُ مشَّاءٌ على الأهوالِ

يلقى الخطوبَ بمثلها من همة … قطعت جبالاً في ابتغاء جبالِ

في ظلّ وحدته وإنّ رفاقه … كثرٌ ولكن قلّة الأشكالِ

فردا فليس يرد صوب صوبه … إلا مصدقه اختيار الغالي

ملءُ الإهاب عليمة ٌ بطلابها … خفَّتْ ليومِ تحمّل الأثقالِ

سيّارة ٌ فكأنها طيّارة ٌ … بشمال فارسها عنانُ شمالِ

تجتابُ أربعها الوهادَ وطرفُها … بالراسياتِ موكَّلُ الإشغالِ

في الأرضِ تشخصُ للسماء كأنها … عرفتْ ذراك من السِّماك العالي

تلقى غزالتها بجيدِ غزالة ٍ … وهلالها من غُرّة ٍ بهلالِ

فسعى قبالك جدُّه لا حاله … عفو النفوس ولا اجتهاد المالِ

فلتُرغم الأيّامَ زورة ُ عاشقٍ … هجر الكثيرَ وزارَ غيرَ التالي

ولقد يكون من المحال بلوغُها … لولا تصرُّمُ دولة ِ الإمحالِ

ولتيأس الآمالُ منّى بعدها … رؤياك كانت منتهى آمالي

حولٌ شفى حالي التي أشفتْ وقد … تتقلّب الأحوالُ بالأحوالِ

أنا من جذبتَ بضبعهِ فسقيته … في البحر وهو مخادعٌ بالآلِ

وخطبته فحظيتَ من أفكاره … بغرائبٍ نشزت على البُذّالِ

صينت زمانا في الخدور فعنِّستْ … وجمالها حيٌّ بحظٍّ بالي

كم غادة ٍ منها رضتُ لمهرها … منك القبولَ فشيد بالإفضالِ

وجميلة ٍ ذلَّت فحينَ رضيتها … عادت تشوب جمالها بدلالِ

كرمٌ يفيض على وصول رسائلي … نعماً فكيف يكون يومَ وصالي

والبحرُ ينضح للبعيد وكلّما از … داد الدنوُّ ازدادَ فضلَ بلالِ

ولئن رأيتك بالصفاتِ وبالذي … أوليتني وبصالح الأعمالِ

فالنفسُ عند المعجزات بأن ترى … أحرى وإن سكنتْ إلى النُّقَّالِ

لولا حظوظٌ في ذراك سمينة ٌ … ما جئت ملتحفاً بجسمِ هزالِ

ولتُهتُ في وادي الجليدِ فكيف بي … ما خضت لولا أنّه لمعالي

وأُري غنيّ القوم أني فوقه … مع خلَّتي أن صنتُ عنه سؤالي

وأبيتُ مقتنعاً بفضلة ما معي … علما بشغل الحظّ بالجُهّالِ

متزمّلا بالصونِ أرقع دائباً … بالصّبر من أثوابه الأسمالِ

حتى وددت لو أنَّ حسنَ تصبُّري … في نائبات الدهر أعدى حالي

ولمثل غرّتك الكريمة أن يُرى … حملُ امرئٍ ما ليس بالحمّالِ

فأقرَّ جنب وهو غير ممهَّدٍ … وأسيغَ شُربٌ وهو غير زلالِ

شكت الوزارة ذل منتحلِ اسمها … لفظاً وما الأسماء كالأفعالِ

لما تحلَّى الدَّستُ أصبحَ عاطلاً … منه ودستك في التعطُّل حالي

ركب الخطار مجرّبا لا عارفا … يا قربَ ركبتهِ من الأوحالِ

وخلا فحدَّثَ باعتلاقك نفسه … لمّا جريتَ وقد يسرُّ الخالي

فاعطف لها أو فاتخذ بدلا بها الزَّ … وراء حبَّ لها من الأبدالِ

ولقد تحنّ إذا ذكرتَ عراصها … شوقَ المعرَّة ِ بُشِّرتْ بالطالي

تصبو إليك وأهلُها ورسولهم … شعري وقد بلَّغتُ في الإرسالِ

ولقد تكون وإن نأيتَ أباً لهم … برّاً بفاقتهم وأمَّ عيالِ

وإذا سقى الغيثُ البلادَ بمسبلٍ … غدقٍ وهتَّانِ الحيا هطَّالِ

فبدا بدارك ثم عاد فجادها … جودَ الجفون غداة َ شدِّ رحالي

فاختصّ غزلاناً هناك ووفَّرت … منه العزالى قسطها لغزالي

أفدي بنفسي من يجلّ مكانه … في النفس أن أفديه بالأموالِ

قمرا أخذتُ على السهاد ذمامه … إلا توقُّعه طروقَ خيالي

وكفلتُ عنك له بأكرم أوبة ٍ … فسلا عن الإعجالِ بالإيجالِ

فاردد عليه كما يُحبُّ حبيبهُ … ضخمَ السلامة ناحلَ الأجمالِ

فالسيف يعلقُ بالأنامل حدُّه … والعين تأباه بغير صقالِ

قد كان يأتيني قصيراً ناحلاً … فنهضت أطلب منه حظَّ طوالِ

ولقد حلا فسعيتُ حتى حلّ لي … ما كان يحلو طعمهُ بحلالِ