الموت – صباح الحكيم
الموت ما منه مفرْ … مهما يطُلْ أمَدُ السَفَرْ
اليوم أرثي والدي … نوراً بوجداني أغَرْ
و غداً سأرثي غربتي … أبكي لريحان البشَرْ
يا موت قد مزقتني … و سقيتني كأس الكدَرْ
في مَنْ أحب فجعتني … فاجأتني هذا السحَرْ
فَفقدت همسا عاطرا … وجهاً لَطيفاً كالقمَرْ
و فقدت قلباً حانياً … كم ذادَ عني كل شَرْ
يروي فؤادي بالمنى … إن خابَ خطوي أو عثَرْ
قد كان فجرا ً باسما ً … في وجهه ضحك َ المطر
آمال قلبي المبتلى … تصحو إذا حزني عبرْ
و اليوم بعدَ أفولهِ … مَنْ ذا يقي عني الضرَرْ
مَنْ ذا يكونُ يد الرضا … تحنو على دمع الوتَرْ
يأتي ليمسح دمعتي … و ينير لي درب البصَرْ
فـلمن أبثُ مشاعري … والنبض ُ في قلبي انحسَرْ
أرنو إلى درب المـُنى … والدمع من عيني انهمَر
أحكي مصائب أمتي … عن قدسنا العالي الأغَرْ
في كل ناحية ٍ صدى … والظل ُّ في جسدي انكسَرْ
ماذا تبقى يا ترى … غير التوجس و الخطرْ
كم في العراق مواجع … أدمت فؤادي فانفطَرْ
و النخل أمسى يابسا … فكفى عتابا يا بشَرْ
بغداد يا أم المنى … يا وحي شعري و العبَرْ
أوجاعها لا تنتهي … من موقفي حدّ البصَرْ
و الناس من هول الأسى … موتى على كفِ القدَرْ
آهٍ على ورد النقا … آهٍ على أغلى الدرَرْ
يا ويح قلبي كالسنا … ناموا لحلمٍ منتظَرْ
والأرض ُ فاضت بالدما … فيها المصيرُ قد انتحَرْ
يا موت ماذا تبتغي … خذني إليكَ لكي أقَرْ
قبرا يلم تعاستي … فالحلمُ ولى و اندثَرْ
يا موت ماذا ترتجي … خذني إلى ذاك الممَرْ
خذني وما أشقى الذي … يفنى اغترابا أو كدَرْ
يا موت هيا ضمني … خذني إلى دار المقَرْ