العلمُ بالرحمنِ لا يجهلُ – محيي الدين بن عربي
العلمُ بالرحمنِ لا يجهلُ … وهوَ على الجهلِ بهِ يحملُ
فالجهلُ بالرحمنِ علمٌ بهِ … عليهِ أربابُ النهى عولوا
قد قال لا أحصي الذي قال لي … لأنهُ منْ عندِهِ مرسلُ
وقال صديق به عجزه … دركٌ لهُ كذا روى الأولُ
وقال بسطامينا إنه … دعا عبادَ اللهِ أنْ ينزلوا
إليه من حضرة أكوانهم … فأعرضوا عنه ولم يقبلوا
فعندما جاءَ إلى ربهِ … الفاهمُ ضمهمُ المنزل
من حارب الألباب في وصفه … فإنها عن دركه تسفل
اللهُ لا يعرفهُ غيرهُ … وما هنا غيرٌ فلا تغفلوا
فكلُّ عقدٍ فيه من خلقه … فثابت فيه ولو زلزلوا
فإنه أوسع من علمهم … بعلمه فيه فلم يحصلوا
إلا على القدر الذي هم به … فأجملَ الأمرَ الذي فصلُوا
فلا يحيطون به قال لي … علماً سوى القدرِ الذي حصلوا
وهوَ على التحقيقِ علمٌ بهِ … لكنَّهُ عنْ علمهِ أنزلُ
لذاكَ قلنا عندَ علمي بهِ … سبحان من يعلم إذ يجهل
ما علم الخلق سوى ربهم … ومنهم المدبر والمقبل
إنعامه عمَّ فلم يقتصر … لأنه المنعم والمفضل
ولا تقل كقولهم في الذي … يشقى فإنَّ القوم قد عجَّلوا
لوْ نظروا بربهم أنصفوا … وتابعوا الحقَّ فلمْ يعدلوا