الضباب وشمس هذا الزمان – عبدالله البردوني

يشتهي الصمت ، أن تبوح فينسى … ينتوي أن يرقّ ، يمتد أقسى

ينزوي خلف ركبتيه ، كحبلى … يرعش الطلق بطنها ، وهي نعسى

أيّ شيء تسّر يا صمت ؟ تعلو … وجهه صخرتان ، شعثا وملسا

ربما لا يحس ، أوّ ليس يدري … وهو يغلي بالحسّ ، ماذا أحسّا

تشرئب الثقوب ، مثل أكف … فاقدات البنان ، تشتاق لمسا

ينبس العشب ، بالسؤال كطفل … يتهجى قحط الرضاعة درسا

قبل أن يبزغ البراعيم ، ترمي … لفتات ، تخاف لمحا وهجسا

يحذر الميت رمسه ، وجنسن … قاذف وجهه ، إلى المهد رمسّا

ما الذي يستجدّ ؟ لا شيء يجدي … كلّ شيء ، بيع وجهيه بخسا

وجهك الداخليّ ، لعينيك منفى … وجهك الخارجي ، لرجليّك مرسى

أنت مثلي ، بيني وبيني جدار … وجدار بيني ، وبينك أجسى

أصبحت (عامر) جوادا (لروما) … وجلودا سمرا ، يخبئن (فرسا)

بعد (باذان) جاء باذان ثان … (عبدريّ) سبا (بريما) و(عنسا)

كان يسطو (جنبول) ثم توارى … وانتقى باسمه (لذبيان) (عبسا)

ما الذي يستجدّ ؟ تنوي بروق … تنهمي تنثني ، من الخوف تعسا

يمتطي نفسه الضباب ، ويأتي … كالمسجّى ، يلقّن الصمت همسّا

يحتوي كلّ معبر ، يتلوى … في عيون الكوى ، رؤى جدّ خرسا

يجتذي ساعديه ، عينيه يهوي … خاسئا يرتقي ، أحطّ وأخسى

كجدار ينهار ، فوق جدار … كغبار ، يستنزف الريح جنسا

يبتدى ، عليه جلد الصحارى … وطلاء ، تشمّ فيه ، (فرنسا)

وركام من التّلاوين ، حتى … لا يبقّي ، لأي (حرباء) لبسا

كجراد له حوافير خيل … كملاه ، من بولها تتحسا …

صمت ، ما الوقت لا أرى ما أسمّي … لاالصباح ابتدا ولا الليل أمسى

لم يعد ـ يا ضباب ـ للوقت وقت … والمكان انحمى ؟ على الريح أرسى

إنني يا ضباب ، أسمع شيئا … اسمه موطني ، يغنّي ويأسى

ملء هذا الرحاب ، يمتدّ يرمي … عنه نفسا ، ويبتدي منه نفسا

ذاك وادي (عسى) نعم كان يوما … وتخطّى وادي (عسى) من تعسّى

أتراه ؟ يحمرّ ، يرنو بعيدا … ومناه تجتاز ، عينيه حدسا

ما الذي ؟ لا تحسّه كيف تدري ؟ … ومتى كنت ؟ أنت تملك حسّا

أترى هذه العيون الدوامي … تحت رجليك ؟ سوف تنبت شمسا

شمس هذا الزمان ، من تحت تبدو … ثم تعلو ، تفجّر الموت عرسا