الحمّى – غازي القصيبي

أحس بالرعشة تعتريني

و الموت يسترسل في وتيني

و موجة الإغماء تحتويني

فقربي مني و لامسيني

مري بكفيك على جبيني

و قبل أن أرقد حدثيني

قصي علي قصة السنين

حكاية المشرد المسكين

طوف عبر قفره الضنين

يشرب من سرابه الخؤون

و يشتكي النجود للحزون

و جرب الغربة في السفين

و هام في مرافئ الجنون

كسندباد أحمق مأفون

و عاد بالحمى و بالشجون

محملا بصفقة المغبون

هاتي كتاب الشعر أنشديني

قصيدة رائعة الرنين

كتبتها في زمن الفتون

أيام كنت ساذج العيون

قبل انتحار الوهم في اليقين

و غضبة الكهل على الجنين

و صحوتي في الواقع الحزين

هل تذكرين الان؟..ذكريني

براءتي في سالف القرون

قبل قدوم الزمن الملعون

يبيعني حينا..و يشتريني

يمنحني المال.. و لا يغنيني

يسكب لي الماء.. و لا يرويني

و يجعل الأغلال في يميني

و يزدري شعري.. و يزدريني

يال شقاء البلبل السجين

في القفص المذهب الثمين

ينشد ما ينشد من لحون

خافتة.. دافئة الشؤون

مثل دم يسيل من طعين

تعبت من جدي و من مجوني

من كل ما في عالمي المشحون

من مسرح محنط الفنون

مشاهد باهتة التلوين

أغنية رديئة التلحين

إمرأة شابت فما تغريني

برمت بالمسرح.. أخرجيني

مري بكفيك على جبيني

و قبل أن أرقد.. ودعيني

الرياض:

1399هـ

1979م