الحمدُ للهِ الذي أفضلا – محيي الدين بن عربي
الحمدُ للهِ الذي أفضلا … بما بهِ أنعمَ في خلقهِ
فالجودُ والأفضالُ منهُ على … عبادِه العاصين من خلقه
يعلمهُ العالمُ من أوجهِ … معرفة العارفِ من أفقه
وكلُّ من يهبط في علمه … بهِ يرى ذلكَ منْ حقهِ
وجامعُ الكلِّ حضيضٌ به … أدرجه الرحمن في حقِّه
فكلُّ ما يجري منْ أحكامِهِ … فإنها تجري على وفقه
قدْ جمعَ العالمَ في حشرهِ … ليسألَ الصادقُ عنْ صدقهِ
فإنْ أعادوهُ عليهِ فهمْ … ممنْ يرى الإشراقَ منْ شرقهِ
أو ادَّعوا فيه لأعيانهم … والمدعي يصدقُ في نطقهِ
وكلهم يصدقُ في حاله … وكلهم يأكل من رزقِه
ما حاز منهم أحدٌ كله … بلْ كلهم منه على شقِّه
الجنسُ في البدرِ وفي شمسهِ … ونجمهُ والفصلُ في برقهِ
ما يعرفُ الحقَّ سوى شارب … يراهُ في الصفوِ وفي رتقهِ
يعرفه العالم في حشرهم … يومَ وقوفِ الناسِ من رفقهِ
يتبدرُ الناسُ إلى حوضهِ … وبعضهم يرويه من ودْقه
هذي علومٌ إن تناولتها … كنتَ بها الواحدَ في خلقه
فقلْ لمنْ يخلقُ أنفاسهُ … الخلقُ قبلَ الخلقِ في خلقهِ