الآن إذ بردَ السلوُّ ظمائي – مهيار الديلمي

الآن إذ بردَ السلوُّ ظمائي … و أصابَ بعدكم الأساة ُ دوائي

كانت عزيمة حازمٍ أضللتها … في قربكم فأصبتها في النائي

آليتُ لا رقبَ الكواكبَ ناظري … شوقا ولا مسحَ الدموعَ ردائي

أمسٌ من الأهواءِ عفى رسمه … بيد النهى يومٌ من الآراءِ

و قذاءُ قلبي أن يحنّ لناظرٍ … يومَ الرحيل تفرق الخلطاءِ

دعهم ومنْ حملته حمرُ جمالهم … للبين من حمراءَ في بيضاءَ

مستمطرين ولم تجدهم أدمعي … و مؤججين وما لهم أحشائي

كانوا النواظرَ عزة ً لكنهم … غدروا فلم تطبق على الأقذاءِ

و لقد يغادرني وحيداً مخفقاً … خبثُ المعاش وقلة ُ النجباءِ

أظمى ورييَّ في السؤال فلا يفي … حرُّ المذلة ِ لي ببرد الماءِ

قالوا سخطتَ على الأنام وإنما … سخطى لجهلهم بوجه رضائي

صورٌ تصرفُ أنفسُ الأمواتِ في … أجسامها بجوارح الأحياءِ

ألقي إلى الصماء بثى َ منهمُ … و أعير شمسى َ ناظرَ العشواءِ

بأبي غريبٌ بينهم في داره … متوحدٌ بتعدد النظراءِ

يفديك مستامون لا عن قيمة ٍ … مسمون والمعنى سوى الأسماءِ

يتطاولون ليبلغوك ولم يكن … ليضمهم وعلاك خطُّ سواءِ

و إذا جريتَ على الرهان وبهمهم … لاقَ الخلوقُ بجبهة الغراءِ

و الشامة ُ البيضاءُ تنعت نفسها … بوضوحها في الجلدة السوداءِ

عجزتْ قرائحهم وأغدرُ غادرٍ … يومَ الخصام الفاءُ بالفأفاءِ

لبيك عدة َ ما أتاني غافلا … عنك الرواة ُ بطيب الأنباءِ

و غلوتَ في وصفي فقلتُ سجية ٌ … ما زلتُ أعرفها من الكرماءِ

عميَ الورى عن وجهها فرأيتهُ … و هو البعيد بناظريْ زرقاءِ

قد كنتُ أظهرها وتخفى بينهم … ما للغنى أثرٌ على البخلاءِ

لا ارتعتُ إذ أعطيتُ منك مودة ً … ماذا أسرّ الناسُ من بغضائي

و صداقتي للفاضلين شهادة ٌ … بالنقص ثابتة ٌ على أعدائي

نسبٌ مزجنا لا تميز بيننا … فيه امتزاجَ الماءِ بالصهباءِ

و مودة الأبناء أحسنُ ما ترى … موروثة ً عن نسبة الآباءِ