اقائم بيت الهدى الطاهر – حيدر بن سليمان الحلي

اقائم بيت الهدى الطاهر … كم الصبرُ فتَّ حَشا الصابرِ

وكم يتظلُّم دينُ الإله … إليكمن النفر الجائر

يمدُّ يداً تشتكي ضعفَها … لطبِّكَ في نبضها الفاتر

نرى منك ناصره غائباً … وشركُ العِدى حاضرُ الناصر

فنوسع سمعك عتباً يكاد … يُثيركَ قبل نِدى الآمرِ

نهزَّك لا مُؤثراً للقعود … على وثبة الأسد الخادر

ونوقض عزمك لا بائتاً … بمقلة من ليس بالساهر

ونعلم انك عما تروم … لم يَكُ باعُك بالقاصِر

ولم تخشَ من قاهرٍ حَيثما … سوى الله فوقكَ من قاهرِ

ولا بدَّ من أن نرى الظّالمين … بسيفك مقطوعة الدابر

بيومٍ به ليسَ تبقى ضُباك … على دارِعِ الشرك والحاسِر

ولو كنت تملك أمر النهوض … أخذت له أهبة الثائر

وإنّا وإن ضرَّستنا الخطوبُ … لنعطيكَ جهدَ رِضى العاذر

ولكن نرى ليس عند الأله … أكبرُ من جاهكَ الوافرِ

فَلو تسألِ الله تعجيلُه … ظهورك في الزمن الحاضر

لوافتكَ دعوتُه بالنّهوض … باسرع من لمحة الناظر

فثقف عدلك من ديننا … قنا ً عجمتها يد الآطر

وسكّن أمنُك منّا حشاً … وَحتّى غَدوا بين مقبورة

إلىم وحتىم تشكو العقام … لسيفك أم الوغى العاقر

وكم تتلظى عطاش السيوف … إلى ورد ماء الطلى الهامر

أما لقعودك من لآخر … أثرها فديتك من ثائر

وقدها يميت ضحى المشرقين … بظلمة قسطلِها المائر

يردن بمن لا بغير الحمام … أو دركَ الوِترَ بالصادرِ

وكلّ فتى حَنِيت ضَلعُه … على قلب ليث شرى ً هاصر

يحدثه أسمر حاذق … بزجر عُقاب الوَغى الكاسر

بان له إن سرى مستميـ … ـتاً لطعن العدى أوبة الظافرِ

فيغدو أخفَّ لضمّ الرِّماح … منه لضم المها العاطر

أولئكَ آل الوغى المُلبسون … عدوهم ذلة الصاغر

هُم صَفوة المجدِ من هاشمٍ … وخالصة الحسب الفاخر

كواكب منك بليل الكفاح … تحفُّ بنيّرها الباهرِ

لهم أنت قطب وغى ثابت … وهم لك كالفلك الدائر

ضِماء الجيادِ ولكنُّهم … رواء المثقف والباتر

كماة تلقب أرماحهم … برضاعة الكبد الواغر

… لدى الروع بالأَجل الحاضرِ

فان سددوا السمر حكموا السما … وسدّوا الفضاءَ على الطائر

وإن جردوا البيض فالصافنات … تعوم ببحر دمٍ زاخرِ

فثمة طعن قنا لا تقبل … أسنَّتها عثرة َ الغادر

ألا أينكَ اليوم يا طالباً … بماضي الذحول وبالغابر

وأين المعد لمحو الضلال … بتجديد رسم الهدى الدائر

وناشرَ راية ِ دين الإله … وناعش جد التقى العائر

ويابن الألى ورثوا كابراً … خميد المآثر عن كابر

ومن مدحهم مفخر المادحين … وذكرهم شرف الذاكر

ومن عاقدوا الحرب أن لا تنام … عَن السيف منهُم يد الساهرِ

تَداركْ بسيفك وترَ الهدى … فقد أمكنتكَ طلى الواتر

كفى أسفاً أن يمرَّ الزمان … ولست بناه ولا آمر

وأن ليسَ أعيننا تستضيء … بمصباح طلعتك الزاهر

على أنّ فينا اشتياقاً إليك … كشوق الربى للحيا الماطر

عليك إمام الهدى عز ما … غدا البر يلقى من الفاجر

لك الله حلمك غر البغاة … فأنساهم بطشة َ القادر

فكم ينحت الهم أحشاءنا … وكم تستطيل يد الجائر

وكم نصب عينيك يابن النبي … نساط بِقدر البَلا الفائر

وكم نحن في لَهوات الخطوب … نناديك من فمِها الفاغرِ

ولم تَك منّا عيونُ الرجاء … بغيرك معقودة الناظر

أصبراً على مثل حزّ المُدى … ولفحة ِ جمر الغضا السّاعرِ

أصبراً وهذي تيوس الضلال … قد أمنت شفرة الجازر

اصبراً وسرب العدى رائع … يروح ويغدو بلا ذاعر

نرى سيف أو لهم منتضى … على هامنا بيد الآخر

به تعرق اللحم منا وفيه … تشظّي العظامَ يدُ الكاسر

وفيه يسوموننا خطة … بها ليس يرضى سوى الكافر

فنشكوا إليهم ولا يعطفون … كشكوى العقير للعاقر

وحين التقت حلقات البطان … ولم نر للبغي من زاجر

عججنا إليكَ من الظالمين … عجيجَ الجِمالِ من الناحرِ

وبتنا نود الردى كلنا … لننقل عنهم إلى قابر

أجل يَومنا ليس بالأجنبي … من يوم والدك الطاهر

فباطن ذاك الضلال القديم … مضمره عين ذا السابر

فعنك انطوى أي تلك الخطو … ب فتحتاج فيه إلى الناشر

أيَومُ النبيّ ومن هاهُنا … أُتينا بهذا البَلا الغامر

غداة قضى فغدا العالمون … ولكن رَأى فُرصة الثائر

فأضرمها فتنتة لم تدع … رشاداً لبادٍ ولا حاضرِ

غدا الدين أهون لما ذكت … لدى القوم من سحمة الصاهر

أذلك أم يوم أضحى الوصيّ … يرى فيئه طعمة الفاجر

وعنه تقاعد صحب النبي … ومالوا إلى بيعة الماكر

فما في مُهاجرة المسلمين … له بعد طه سوى الهاجر

ولا في قَبيلة أنصارهم … لهُ حَيث أفردَ من ناصرِ

بني قيلة بعدت قيلة … وما ولدت عن رضا الغافر

أيُصبح فيكم بلا عاضد … وصيُّ الرسول ولا وازرِ

وقهراً إلى شيخ تيم يقاد … بكف ابن حنتمة العاهر

وأنتم حضور ولَم تَغضبوا … فيا بؤس للملأ الحاضر

وحين قضت بيعة الغاصبين … باذواء فرع الهدى الناضر

غَدت عَثرة ُ الوحي لم تخل منـ … ـهم ولا حلبة الشاة من ضائر

ترى غلية الشرك أنى مقبورة … بملحدها في الدجى السّاتر

وبَين قَتيل بمحرابه … خضيب الشوى بالدم القاطر

وميت برى منه سمّ العدو … حشاً ملؤها خِشية الفاطر

وَبين صَريع بصيخودة ٍ … تريب المحيا بها عافر

قضى والهداية ُ في مصرع … ووسد والرشاد في قابر

ومن ساهر الهم يبغي النهوض … منتظرٍ دعوة َ الآمرِ

مصائبُ يفطرنَ قلب الجليد … وينضخن دمعاً حشى الصابر

فهل ينشد الصبر في مثلها … وما مثلها دار في خاطر