اتتكَ القوافي ما لها عنكَ مذهبُ – مصطفى صادق الرافعي
اتتكَ القوافي ما لها عنكَ مذهبُ … فأنتَ بها برٌوأنت لها أبُ
وما وجدتْ مثلي لها اليومَ شاعراً … أياديكَ تمليها عليَّ فأكتبُ
وهل كلساني إن مدحتُكَ مبدعٌ … وهل كبياني ساحراً حين أنسبُ
دع الشعرَ تقذفهُ من البحرِ لجةٌ … إليكَ ويلقيهِ من البر سبسبُ
فإن يممَ الغرُّ الميامين مكةً … حجيجاً فهذي كعبة الشعرِ يثربُ
طلعتْ عليها طلعة البدرِ بعد ما … تجللها من ظلمةِ الظلمِ غيهَبُ
بوجهٍ لو أن الشمس تنظرُ مرةً … إليه لكانت ضحوةُ الصبحِ تغربُ
فجليتَ عنها ما أدلهمَّ وأبرقتْ … أسارير كانتْ قبلَ ذلكَ تقطبُ
وهل كنتَ إلا ابن الذي فاضَ برُهُ … عليها كما انهلَّ الغمام وأعذبُ
فكنْ مثلُهُ عدلاً وكُن مثلهُ تقىً … وصن لبنيهِ ما يد الدهرِ تنهبُ
سما بكَ أصلٌ طبقَ الأفقَ ذكرهُ … وسارتْ بهِ الأمثالُ في الأرضِ تضربُ
وقومٌ همُ الغرُّ الكواكب كلما … تغيبَ منهم كوكبٌ لاح كوكبُ
وهم معشر الفاروقِ من كل أغلبٍ … نماهُ إلى ليث العرينةِ أغلبُ
حفظتَ لهم مجداً وكانَ مضيعاً … وأبقيتَ فخراً كانَ لولاكَ يذهبُ
ونالكَ فضلُ الله والملكِ الذي … أرى كل ملكٍ دونهُ يتهيبُ
إذا ذكروهُ كبرَ الشرقُ بهجةً … وإن لقبوهُ أكبرَ الشرقِ مغربُ
يصدعُ قلبَ الحاسدينَ وإنهُ … إلى كل قلبٍ في الورى لمحببُ
ويرضي رعاياهُ فيردي عدوهُ … وما زالَ في الحالينِ يُرجى ويُرهبُ
حباكَ بها غراءَ يفترُ ثغرها … وكنتَ لها بعلاً وغيركَ يخطبُ
وكم أمَّلتها أنفسٌ فتحجبتْ … وبنتُ العلا إلى عن الكفءِ تحجبُ
سموتَ إليها وما ونيتَ وقد أرى … ذوائبَ قومٍ دونها تتذبذبُ
فطر فوقها ما العزّ عنكَ بمبعدٍ … وفضلُ أمير المؤمنينَ مقربُ
كأني بربِّ الروضةِ اليومَ باسماً … وصدِّيقهُ يزهى وجدكَ يعجبُ
ويثربُ مما أدركتْ من رجائها … بمقدمكَ الميمون باتتْ ترحبُ