إِذَا السُّحْبُ طَمَّتْ وَادْلَهَمَّتْ فَقَدْ يُرَى – خليل مطران

إِذَا السُّحْبُ طَمَّتْ وَادْلَهَمَّتْ فَقَدْ يُرَى … مَكَانٌ تَقِيهِ فُرْجَةٌ وَتُنِيرُ

فَيَضْحَكُ وَالآفَاقُ تَبْكِي حِيَالَهُ … وَفِي غَيْرِهِ بُؤْسٌ وَفِيهِ حُبُورُ

عَفَا الْخَطْبُ عَنْ مِصْرٍ فَمِنْ لُطْفِ شُغْلِهَا … صَنَاعٌ يُوَفِّي حَمْدَهَا وَخَبِيرُ

وَمِمَّا بِهِ تَقْضِي سَوَابِقُ عَهْدِنَا … بِهَا أََْن يُرَى قَلْبٌ لِمِصْرَ شَكُورُ

فَبَيْنَا غُزَاةِ الْحَرْبِ شَرْقاً وَمَغْرِباً … يَغَارُ عَلَيْهَا تَارَةً وَتُغِيرُ

وَبَيْنَا السُّيُوفُ الْبِيضُ تَسْفِكُ فِي الثَّرَى … دِمَاءً فَيَذْوِي نَبْتُهُ وَيَبُور

وَبَيْنَا الرِّمَاحُ السُّمْرُ تَقْضِي قَضَاءَهَا … فَيَمْضِي قَوِيماً وَالصِّعَادُ تَجُورُ

وَبَيْنَا مُبِيداتُ المَعَاقِلِ وَالْقُرَى … تُهَاجُ بِزَنْدٍ نَابِضٍ فَتَثُورُ

وَبَيْنَا عُيُونُ الْبَحْرِ تَرْمِي بِلَحْظِهَا … جِبَالاً رَسَتْ فِي مَتْنِهِ فَتَغُورُ

وَبَيْنَا مَطايَا الجَوِّ فِي خَطَراتِها … تُرامي العِدَى بالشَّهْبِ حَيْثُ تَطيرُ

وَبَيْنَا الْحُدُودُ الثَّابِتَاتُ لأَحْقُبٍ … يُسَيِّرُهَا شُوسُ الْوَغَى فَتَسِيرُ

كَفَى آمِناً فِي مِصْرَ أَنَّ ظُنُونَهُ … تَرَى دُونَهُ الأَقْدَارَ كَيْفَ تَدُورُ

وَأَنَّ رُمُوزاً فِي الرِّقَاعِ يَخطُّهَا … تُقِرُّ مَكَانَ الفَتْحِ حَيْثُ يُشيرُ

أَلَيْسَ يَسَارُ الْحَالِ قَيَّضَ مَجْمَعاً … كَهَذَا بِرَغْمِ الدَّهْرِ وَهُوَ عَسِيرُ

أَفَاضَ عَلَيْهِ طالِعُ السَّعْدِ نُورَهُ … وَضَمَّ بِهِ رَهْطَ الكِرَامِ سُرُورُ

أُقِيمَ لِيُجْزَى فِيهِ بِالخَيْرِ عَامِلٌ … نَشِيطٌ كَمَا يَهْوَى النُّبُوغَ قَدِيرُ

نَجِيبٌ جَدِيرٌ بِالنَّجَاحِ لِعَزْمِهِ … وَكُلُّ هُمَامٍ بِالنَّجَاحِ جَدِيرُ

لَئِنْ خُصَّ حَظٌّ مِنْ جَنَاهُ بِرِزْقِهِ … فَلِلْعِلم حَظٌّ مِنْ جَنَاهُ كَبِيرُ

وَإِنْ يَجْهَلِ الأَحَادُ مَا قَدْرُ جُهْدِهِ … وَمَا فَضْلُهُ فَالْعَارِفُونَ كَثِيرُ

بِقُدْوَتِهِ لِلْمُقْتَدِينَ هِدَايَةٌ … إِذَا الْتَمَسُوا وَجْهَ الصَّوَابِ وَنُورُ