إن قلتَ عذراً لها ما أبطأت سَأَما – حيدر بن سليمان الحلي

إن قلتَ عذراً لها ما أبطأت سَأَما … فربَّ معتذرٍ يوماً وما اجترما

وكيف تسأمُ من إهداءِ تهنية ٍ … كم علَّلت قبلُ فيها المجدَ والكرما

كانت تَمنَّى على الله الشفا لأبي الـ … ـهادي لتملأَ أكبادَ العدى ضرما

بكلِّ سيّارة ٍ في الأرضِ ما فَتحت … بمثلها أبداً أُمُّ القريضِ فما

تشعُّ فهي لعينٍ كوكبٌ شرقٌ … وجمرة ٌ لحشاً في نادِها وُسِما

فهل تظنُ وربُّ العرشِ خوَّلها … ما قد تمنَّت وذاك الداءُ قد حُسما

ينامُ منها لسانُ الشكرِ عن سأمٍ … إذاً لسانيَ حتفاً نامَ، لا سَئما

سائِل بها الشرف الوضّاحَ هل كَفرت … نعماه أوَ عَبدت من دونِه صَنما

لا يَنقمُ المجدُ منها أنّها خَفِرت … في خيرِ عترتِه يوماً له ذِمَما

لكنَّها لهناة ٍ عن ولادتِها … طروقة ُ الفكرِ حالت، لا الوفا عَقُما

وقد تحيلُ لُقاحاً طالما نَتجت … واستقبلَ الحيُّ من إنتاجِها النِعما

بكرٌ من النظمِ لم يُثقبِ لئالئَها … فكرٌ ولا فوقَ نحرٍ مثلُها نُظما

مولودة ٌ في ثيابِ الحسنِ، قد رَضَعت … دَرَّ النُهى في زمان عنه قد فُطِما

قد أقبلت وطريقُ الحسنِ مُتِّسعٌ … تضيقُ خُطواً وإن لم تَقترف جُرما

ما قَدمت قدماً تبغي الوصولَ بها … إلاّ وأخَّرها تقصيرُها قَدَما

حتى ألمَّت بأكنافِ الذين بهم … عن الوليِّ يحطُّ الخالقُ اللَمَما

قومٌ يُؤدِّبُ جهلَ الدهرِ حلمُهم … حتى ترى الدهر بعدَ الجهلِ قد حَلُما

وجودُهم يتداوى المُسنَتوُنَ به … ما اعتلَّ بالجدبِ عامٌ بالورى أَزِما

فكيف مرَّت شكاة ٌ ساورت لَهُمُ … عضواً من المجدِ سُرَّ المجدُ إذ سَلِما

أبكَت وأضحكَت العَلياءَ والكرما … روعاءُ قَطّب فيها الدهرُ وابتسما

دجّت ببؤسٍ فلم تبَرح تضاحِكُها … بوارقُ اللُّطفِ حتى أمطرت نِعما

أمَّت قليلاً وهبَّت في جوانِحِها … مِن الدعاءِ قَبولٌ فانجلت أَمما

أضحي طَريفاً لنا نشر السرورِ بها … لنشرِنا ذلك البشرَ الذي قَدِما

مسرَّة ٌ لأبي الهادي أعادَ بها … بًرءُ الحسين لنا العهدَ الذي قدُما

إذ قد جنى الدهرُ ما لم تستطع مَعهُ … نشرَ المسرَّة ِ لكن راجَع الندما

فأتَبَع الفرحة َ الأُولى بثانية ٍ … لم تُبقِ في الأرضِ لا غمّاً ولا غُمما

فأرشفِ المجدَ في كلتيهما طَرباً … راحَ التهاني وقرِّط سمعه نَغَما

وقُلوإن صُمَّ سمعٌ من أخي حَسدٍ … فسرَّني أنه ما فارق الصمما

ليُهنِكَ النعمة ُ الكبرى أبا حسنٍ … في صحة ٍ لم تدع في مُهجة ٍ سَقما

أنت الذي رَمقت عينُ الرشادِ به … فما رأت بكَ يا إنسانَها ألَما

وقد صبرتَ وكان الصبرُ منك رضى … عن الإِله وتسليماً لما حَكما

أصالحٌ أنت أم أيوبُ بل قَسماً … بما تحمّلتَ من ضُرٍ: لأنتَ هُما

وهبكَ لم تكُ مَبعوثاً كما بُعثا … فقد ورثتَ بحمدِ الله ما عَلِما

سقمٌ وما مسّكَ الشيطانُ فيه لقد … حكيتَ أيوبَ صبراً عندما سَقُما

حتى علمنا بأنّ الابتلاءَ به … ما للنبيينَ عندَ الله للعلما

آلَ الألهِ أقرّ اللهُ أعينكمُ … بالمُبكِيَينِ عيونَ الحاسدين دما

بِشراً فتلك يدُ البُشرى ببُرئِهما … مَرّت على جُرحِ قلبِ الدين فالتحما

كانت ـ ولكن لقلبِ الدهرِ ـ مُوجعة ً … كادت مضاضتُها تستأصِلُ النَسما

قد ودَّ أهلُ السما والأرضِ أنَّ لكم … ثوابها وعليهم داؤُها انقسما

لقد أعاد على “الفيحاءِ” فضلكُمُ … شبابَها بعد ما قد عَنَّست هَرَما

كم ابن فهدٍ غدا فيها لعُدّة َ دا … عِيكم وكم لأياديكم من ابنِ نما

نَضيتُمُ للمقالِ الفصلِ ألسنة ً … لو تقرع السيفَ يوماً صدرُه انثلما

رياسة ٌ في الهدى أنتم أحقُّ بها … مَن كان جاذَبكم أبرادَها أَثِما

حيثُ الأمامة ُ من مهدِّيها نَصبت … لها النُبوّة ُ في أحكامِها عَلما

مِن قابض ورعاً عن كلِّ مُشتبهٍ … أناملاً لم تزل مبسوطة ً دِيَما

مولى ً هو الكعبة ُ البيت الحرامُ لنا … أضحى وأضحت بَنوه الأشهر الحرُما

قومٌ همُ عُلماء الدينِ سادة خلقِ … الله أكرُم من فوق الثرى شِيما

همُ البدورُ أنارَ اللهُ طلعَتها … لها الكواكبُ قلَّت أن تُرى خدَما

من طينة ٍ أبداً تبيضُّ عن كرمٍ … ما اسودَّ طينُ رجالٍ في الورى لؤما

اليكموها هداة َ الخلقِ باهرة ً … لسانُها قال فيكم بالذي عَلِما

إن أُنسِ فيكم زهيراً بالثناءِ لكم … فأنتم لي قد أنسيتم “هرما”