إن سيرتْ صمّ الجبالِ سراباً – محيي الدين بن عربي

إن سيرتْ صمّ الجبالِ سراباً … وتفتحت أفلاكها أبوابا

يبدو لنا من لم تزل سبحاته … تفني الحجابَ وتحرقُ الحجابا

فعرفتهُ بالنفي لمْ أعرفهُ بالإ … ثْباتِ ما إنْ لمْ أكنْ مرتابا

فأذاقني من حيرة قامتْ بنا … لشهودِه في الأكثرين عَذابا

فلبثت في نار الطبيعة عنده … من أجل هذا مدّة ً أحقابا

لما خصصتُ الأكثرينَ ولمْ أقلْ … عم الوجودَ مظاهر أكبابا

إني طعمت من الشهودِ مطاعما … وشربتُ ماءَ المعصراتِ شرابا

وشهدته في غيرِ صورة ِ عقدنا … في غيبِه أو لا أزالُ تُرابا

فوددتُ أني لمْ أزلْ في غيبة ٍ … في غيبة ٍ أو لا أزالُ ترابا

فدعا بديوانِ الوجودِ ورأسهِ … عند التقى وأرادَ منه حسابا

فأجابه لما دعاه ملبِّياً … سَمعاً وطوعاً ثم قال صَوابا

أوحى إليه أنْ اتخذْ دارَ الشقا … للمسرفينَ المجرمين مآبا

جلَّ الإلهُ الحقُّ في إجلالهِ … قدساً وتعظيماً وعزَّ جَنابا

فإذا أتته من المهيمنِ تحفة ٌ … قطع الثيابَ وقطعَ الأسبابا