إنَّ الذي هيمني حسنه – محيي الدين بن عربي
إنَّ الذي هيمني حسنه … منَ الذي هامَ ولا تدري
في سورة ِ الأعلى وأمثالها … كالفجرِ والليلِ إذا يسري
سبحانَ من جل فما مثله … من أحد إلا الذي أدرى
في سورة ِ الشورى أتى ذكرُهُ … وإنَّه الآنَ على ذكري
قدْ جاءَ حقاً بالصفاتِ التي … تزيد في العدّ عن العشر
تحملُ عرشَ الذاتِ من ذاتها … وما لها عينٌ سوى سرِّي
بها وجودي وبها كنتهُ … لذاك تجري بي عن أمري
لا تنظروني غيره إنني … هوية الحقِّ بلا ستر
فليس في العالم من مفصل … إلا وفيه علمُ الذكر
فتصب يعرفه من له … في ذاتِهِ منزلة ُ الشكرِ
لهُ مزيدُ العلمِ من شكرِهِ … يستره ما فيه من كفر
وليسَ بالكفرِ الذي ذقتهُ … منْ قررَ الإنسانَ في خسرِ
بأصله ثم أتى شارحا … مفرعا بالحقِّ والصبر
بذا أتى النص الذي قاله … لخلقهِ في محكمِ الذكرِ
فمنْ يردْ يمتازُ في أهلهِ … فليمشِ بالحالِ على أثري
فإنه الحقُّ الذي قال لي … انصح عبادي وامتثل أمري
بمكة َ في حالة ٍ تقتضي … في وقتها القبض من العسر
وفي دمشق قال لي مثله … في مرة أخرى على سرِّي
فقلتُ يا رب أعني على … ما قلتَ لي فقالَ بالنصرِ
فلمْ يزلْ في نصرتي قائماً … في كلِّ حالٍ دائمِ البِشر
وقالَ تممْ ما بدأتُمْ بهِ … من الفتوحات على قدر
على لسانِ المصطفى أحمدٍ … ولمْ ينبْ عني في العذرِ
فإنَّ فيها سبباً مقلقاً … يضيقُ منْ إيرادِهِ صدري
فقالَ لي لا تلتفتْ إنني … مزيلُ ما تخشى من الضرّ
أيدكَ اللهُ فكنْ آمناً … ولا يكن قلبك في ذُعر
فقمتُ بالعلمِ لهمْ مفصحاً … مبيناً في السرِّ والجهر
أورده من غير كيلٍ له … كأنَّما آخذٌ منْ بحرِ
لو أنه ينظر في قوله … إنَّ إليه مرجع الأمر
رأى وجودَ الحق عين الذي … يطلبهُ في وحدة ِ الكثرِ
لو أنه يعرفُ أحواله … ما ميزَ الخيرَ منَ الشرِّ
ليس له الشرُّ فإنّ الذي … سمي شرّاً عدم فادر
بيدهِ الخيرُ فقل كالذي … يقولُ فيهِ صاحبُ السبرِ
فإنَّهُ الخيرُ كما قالَ لي … منْ قالَ بالباعِ والبشبرِ
فاعبد إلهَ السرِّ مستسلماً … ولا تكفرْ صاحبَ الفكرِ